التفاسير

< >
عرض

إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ
٧
ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ
٨
وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ
٩
وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ
١٠
ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ
١١
فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ
١٢
فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ
١٣
إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ
١٤
-الفجر

التسهيل لعلوم التنزيل

{ إِرَمَ } هي قبيلة عاد سميت باسم أحد أجدادها، كما يقال: هاشم لبني هاشم، وإعرابه بدل من عاد أو عطف بيان وفائدته أن المراد عادا الأولى، فإن عاداً الثانية لا يسمون بهذا الاسم. وقيل: إرم اسم مدينتهم فهو على حذف مضاف تقديره: بعاد عاد إرم، ويدل على هذا قراءة ابن الزبير بعاد إرم على الإضافة من تنوين عاد وامتنع إرم من الصرف على القولين للتعريف والتأنيث { ذَاتِ ٱلْعِمَادِ } من قال إرم قبيلة قال: العماد أعمدة بنيانهم أو أعمدة بيوتهم من الشعر لأنهم كانوا أهل عمود، وقال ابن عباس: ذلك كناية عن طول أبدانهم. ومن قال إرم مدينة فالعماد الحجارة التي بنيت بها، وقيل القصور والأبراج { ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ } صفة للقبيلة لأنهم كانوا أعظم الناس أجساماً يقال: كان طول الرجل منهم أربعمائة ذراع. أو صفة للمدينة وهذا أظهر لقوله في البلاد ولأنها كانت أحسن مدائن الدنيا، وروي أنها بناها شداد بن عاد في ثلاثمائة عام، وكان عمره تسعمائة عام وجعل قصورها من الذهب والفضة، وأساطينها من الزبرجد والياقوت وفيها أنواع الشجر والأنهار الجارية، وروي أنه سمع ذكر الجنة فأراد أن يعمل مثلها فلما أتمها وسار إليها بأهل مملكته أهلكهم الله بصيحة، وكانت هذه المدينة باليمن. وروي أن بعض المسلمين مر بها في خلافة معاوية، وقيل: هي دمشق وقيل: الاسكندرية، وهذا ضعيف { جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ } أي نقبوه ونحتوا فيه بيوتاً والوادي ما بين الجبلين، ون لم يكن فيها ماء، وقيل: أراد وادي القرى { وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ } ذكر في سورة داود [ص] { ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ } صفة لعاد وثمود وفرعون ويجوز أن يكون منصوباً على الذم أو خبر ابتداء مضمر { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } استعارة السوط للعذاب؛ لأنه يقتضي من التكرار ما لا يقتضيه السيف وغيره. قاله ابن عطية، وقال الزمخشري: ذكر السوط إشارة إلى عذاب الدنيا، إذ هو أهوب من عذاب الآخرة، كما أن السوط أهون من القتل { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ } عبارة عن أنه تعالى حاضر بعلمه في كل مكان، وكل زمان ورقيب على كل إنسان، وأنه لا يفوته أحد من الجبابرة والكفار، وفي ذلك تهديد لكفار قريش وغيرهم، والمرصاد المكان الذي يترقب فيه الرصد.