التفاسير

< >
عرض

وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ
١
وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ
٢
وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ
٣
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ
٤
فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ
٥
وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ
٦
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ
٧
وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَٱسْتَغْنَىٰ
٨
-الليل

التسهيل لعلوم التنزيل

{ وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } أي يغطي وحذف المفعول وهو الشمس لقوله: { وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } أو النهار لقوله: { يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ } [الأعراف: 54] أوكل شيء يستره الليل { وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ } أي ظهر وتبين والنهار من طلوع الشمس واليوم من طلوع الفجر { وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } ما بمعنى من والمراد بها الله تعالى وعدل عن من لقصد الوصف كأنه قال: والقدر الذي خلق الذكر والأنثى وقيل: هي مصدرية وروى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ والذكر والأنثى { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ } هذا جواب القسم ومعناه إن عملكم مختلف فمنه حسنات ومنه سيئات، وشتى جمع شتيت { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ } أي أعطى ماله في الزكاة والصدقة وشبه ذلك، أو أعطى حقوق الله من طاعته في جميع الأشياء واتقى الله { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } أي بالخصلة الحسنة وهي الإسلام، ولذلك عبّر عنها بعضهم بأنها لا إلٰه إلا الله، أو بالمثوبة الحسنى وهي الجنة، وقيل: يعني الأجر والثواب على الاطلاق، وقيل: يعني الخلف على المنفق { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ } أي نهيؤه للطريقة اليسرى، وهي فعل الخيرات وترك السيئات وضد ذلك تيسيره للعسرى ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له" أي يهيؤه الله لما قدر له ويسهل عليه فعل الخير أو الشر { وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَٱسْتَغْنَىٰ } أي بخل بماله أو بطاعة الله على الاطلاق فيحتمل الوجهين؛ لأنه في مقابلة أعطى، كما أن استغنى في مقابلة اتقى، وكذلك كذب بالحسنى في مقابلة صدق بالحسنى، ونيسره للعسرى في مقابلة نيسره لليسرى، ومعنى استغنى: استغنى عن الله فلم يطعه واستغنى بالدنيا عن الآخرة، ونزلت آية المدح في أبي بكر الصديق، لأنه أنفق ماله في مرضات الله، وكان يشتري من أسلم من العبيد فيعتقهم، وقيل نزلت في أبي الدحداح، وهذا ضعيف، لأنها مكية وإنما أسلم أبو الدحداح بالمدينة، وقيل: إن آية الذم نزلت في أبي سفيان بن حرب، وهذا ضعيف لقوله: فسنيسره للعسرى وقد أسلم أبو سفيان بعد ذلك.