التفاسير

< >
عرض

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أُوْلَـٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ ٱلأَشْهَادُ هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ
١٨
-هود

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً }؛ أي ليس أحدٌ أظلمَ لنفسهِ من الكاذب على ربه بأن زعمَ أن له وَلَداً وشَريكاً، { أُوْلَـٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ }؛ معناهُ: أولئكَ الكاذبون يُسَاقُونَ يوم القيامةِ إلى ربهم، ويُوقَفون في المقاماتِ التي يطالَبون فيها بأعمالِهم، ويُسأَلون فيها، ويُجَازَوْنَ عليها.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَيَقُولُ ٱلأَشْهَادُ هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ }؛ قال ابنُ عبَّاس ومجاهد: (الأَشْهَادُ هُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَالأَنْبيَاءُ)، وقال قتادةُ: (يَعْنِي الْخَلاَئِقَ)، وقال مقاتلُ: (هُمُ النَّاسُ).
والأَشْهَادُ جمعُ شَاهِدٍ مثل نَاصِرٍ وأنْصَارِ وصَاحِبٍ وأصحابٍ، ويجوزُ أن يكون جمعُ شَهِيدٍ مثل شريفٍ وأشرَافٍ. والمعنى: يقولُ الأشهادُ يومَ القيامة من الملائكةِ والنبِّيين والعلماءِ وعامَّة المؤمنين، ويُشيرون إلى الكفارِ فيقولون: { هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ } فيُفضَحُ الكفارُ على رُؤوسِ الأشهادِ.
وقولهُ تعالى: { أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ }؛ يجوزُ أن يكون من قولِ الأشهادِ، ويجوز أنْ يكون من قولِ الله، وأرادَ بالظَّالمين المشركين، واللَّعْنَةُ: الإبعادُ من الخيرِ.
وعن ابنِ عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
"يَدْنُو الْمُؤْمِنُ مِنْ رَبهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يُقَرِّرُهُ بذُنُوبهِ: هَلْ تَعْرِفُ؟ فَيَقُولُ: رَب أعْرِفُ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُ؟ فَيَقُولُ: رَب أعْرِفُ، فَيَسْأَلُهُ عَنْ مَا شَاءَ أنْ يَسْأَلَهُ، قَالَ: فَإنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، ثُمَّ يُعْطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ بيَمِينِهِ. وَأمَّا الْكُفَّارُ فَيُنَادَى عَلَيْهِ عَلَى رُؤُوسِ الأَشْهَادِ: هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذبُوا عَلَى رَبهِمْ، ألاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ" .