التفاسير

< >
عرض

وَٱمْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ
٧١
-هود

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱمْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ }؛ معناهُ: وامرأتهُ سَارَةُ كانت قائمةً معه على رؤُوسِهم بالخدمةِ، ويقالُ: كانت قائمةً من وراءِ السَّترِ في حالِ محاورة إبراهيمَ مع الملائكةِ، ويقال: إنَّ سارةَ بنتُ عمِّ إبراهيم.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَضَحِكَتْ } أي ضَحِكَتْ من سُرورِها بالسَّلام، فزَادُوها بشَارةً بإسحاقَ عليه السلام، وقال السديُّ: (إنَّ إبْرَاهِيمَ قَالَ لَهُمْ: ألاَ تأْكُلُونَ؟! قَالُوا: إنَّا قَوْمٌ لاَ نَأْكُلُ إلاَّ بالثَّمَنِ، قَالَ: كُلُوا وَأدُّوا ثَمَنَهُ، قَالُواْ: وَمَا ثَمَنُهُ؟ قَالَ: أنْ تَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أوَّلِهِ وَتَحْمَدُوهُ فِي آخِرِهِ. فَنَظَرَ جِبْرِيلُ إلَى مَنْ مَعَهُ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ وَقَالَ: حَقٌّ لِهَذا أنْ يَتََّخِذهُ اللهُ خَليلاً، فَضَحِكَتِ امْرَأَتُهُ وَقَالَتْ: عَجَباً لأَضْيَافِنَا نَخْدِمُهُمْ بأْنفُسِنَا تَكْرِمَةً لَهُمْ وَهُمْ لاَ يَأْكُلُونَ طَعَامَنَا!).
وقال قتادةُ: (ضَحِكَتْ لِغَفْلَةِ قَوْمِ لُوطٍ، وَقُرْب الْعَذاب مِنْهُمْ). وَقِيْلَ: ضَحِكَتْ سُروراً بالأمْنِ منهم لَمَّا قالوا: لاَ تَخَفْ، وقال عكرمةُ: (ضَحِكَتْ أيْ حَاضَتْ).
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ }؛ قرأ ابنُ عامر وحمزة ويعقوب بالنصب على معنى: وَوَهَبْنَا لها من وراءِ اسحاقَ يعقوبَ، وَقِيْلَ: بنَزعِ الخافض؛ أي وبشَّرنَاها من وراءِ اسحاقَ بيعقوب، فلما حُذفت الباء نُصِبَ.
وقال الزجَّاج: (لاَ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ ذلِكَ فِي مَوْضِعِ الْخَفْضِ عَلَى ذلِكَ؛ لأنَّهُ لاَ يَجُوزُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْجَارِّ والْمَجْرُورِ وبَيْنَهُمَا وَاوُ الْعَطْفِ إلاَّ بإعَادَةِ حَرْفِ الْجَرِّ؛ لأنَّهُ لاَ يَجُوزُ أنْ يُقَالَ: مَرَرْتُ بزَيْدٍ فِي الدَّار وَالْبَيْتِ وَعَمْرٍو، حَتَّى يَقُولَُ: وَبعَمرٍ).
وقولهُ { فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ } قال المفسِّرون: كان إبراهيمُ قد وُلِدَ له من هاَجَرَ وكَبرَ وشَبَّ، فتمَنَّت سارةُ أن يكون لها ابنٌ وآيَسَتْ من ذلك لكبَرِ سِنَّها، فبُشِّرت على كِبَرِ السنِّ بولدٍ يكون نبيّاً.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } قال الزجَّاج: (بَشَّرُوهَا أنَّهَا تَلِدُ اسْحَاقَ، وَأنَّهَا تَعِيشُ إلَى أنْ تَرَى وَلَدَ وَلَدِهِ، وَوَرَاءَ هَاهُنَا بمَعْنَى بَعْدَ)