قَوْلُهُ تَعَالَى: { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ }؛ أي للإنسان مُسَاوياتٌ، والكنايةُ في قولهِ تعالى (له) رُدَّ على من أسَرَّ القولَ ومَن جَهَرَ به وهم الآدميُّون. وقال بعضُهم: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ) أي للهِ تعالى ملائكةٌ يتعاقَبُون بالليلِ والنهار، فإذا صعَدت ملائكةُ الليلِ أعقَبَتها ملائكةُ النَّهارِ، وإذا صعَدت ملائكةُ النهار أعقبَتها ملائكةُ الليلِ.
وقولهُ تعالى: { مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } يعنِي من قُدَّامِ هذا المستخفِي بالليل والسَّارب بالنهار، ومِنْ خَلْفِهِ؛ أي وراءِ ظهره ملائكةٌ يحفظونَهُ من بين يديهِ ومِن خلفهِ، فإذا جاءَ القَدَرُ خَلَّوا عنه.
واختلَفُوا في الْمُعَقِّبَاتِ، قال بعضُهم: الْكِرِامُ الْكَاتِبُونَ؛ وهم أربعةً: ملَكان بالليلِ وملَكان بالنَّهار.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ }؛ أي بأمرِ الله حتى ينهوا به إلى المقاديرِ، فيُخَلُّوا بينه وبين المقاديرِ، قال كعبُ الأحبار: (لَوْلاَ أنَّ اللهَ وَكَّلَ بكُمْ مَلاَئِكَةً يَذُبُّونَ عَنْكُمْ فِي مَطْعَمِكُمْ وَمَشْرَبكُمْ وَعوْرَاتِكُمْ لَخَطَفَتْكُمُ الْجِنُّ).
قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }؛ أي لا يسلبُ قوماً نعمةً حتى يعمَلُوا المعاصِي، يعني بهذا أهلَ مكَّة، بعثَ فيهم رسولاً منهم، وأطعَمَهم من جوعٍ، وآمَنَهم من خوفٍ، فلم يعرِفُوا هذه النعمةَ وغيَّرُوها وجعلُوها لأهلِ المدينة.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوۤءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ }؛ أي إذا أرادَ اللهُ إنزالَ عذابٍ على قومٍ فلا دافعَ له، { وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ }؛ يتوَلاَّهم وينصرُهم، ويقال: من مَلْجَأ يلجَؤُون إليه، والْمَوْئِلُ هو الْمَلْجَأُ.