التفاسير

< >
عرض

وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً
٢٣
-الإسراء

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً }؛ برّاً بهما وعَطْفاً عليهما، وقولهُ تعالى: { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا }؛ أي إنْ عاشَا عندَكَ أيُّها الإنسانُ حتى يَكبُرَا، وقرأ حمزة والكسائي (يَبْلُغَانِ)؛ لأن الوالدينِ قد ذُكر قبلَهُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ }؛ تقذُّراً حين ترَى منهما شيئاً من الأذى، بل أمِطْ عنهما كما كانا يُمِيطَانِ عنكَ في حالةِ الصِّغَرِ، والأُفُّ هو وسَخُ الأظفارِ، والتُّفُّ وسخُ الأُذن، والمعنى: لا تتأَذى بهما، كما لم يكُونَا يتأذيان بكَ، قال صلى الله عليه وسلم
"لَوْ عَلِمَ اللهُ شَيْئاً مِنَ الْعُقُوقِ أدْنَى مِنْ أُفٍّ لَحَرَّمَهُ، فَلْيَعْمَلِ الْعَاقُّ مَا شَاءَ أنْ يَعْمَلَ، فَلَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ. وَلْيَعْمَلِ الْبَارُّ مَا شَاءَ أنْ يَعْمَلَ، فَلَنْ يَدْخُلَ النَّارَ" .
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلاَ تَنْهَرْهُمَا }؛ أي لا تَزجُرهما بإغْلاَظٍ وصِيَاحٍ في وجُوهِهِما، ولا تُكلِّمْهُما ضَجِراً، { وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً }؛ أي يكون فيه كرامةٌ لهما كقولِ العبدِ الْمُذْنِب للسيِّد الغليظِ، كذا قال ابنُ المسيَّب، وقال عطاءُ: (لاَ تَشْتُمْهُمَا وَلاَ تُبْكِيهِمَا، وقُلْ لَهُمَا: يَا أبَتَاهُ، يَا أُمَّاهُ).