التفاسير

< >
عرض

تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً
٤٤
-الإسراء

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ }؛ قرأ أبو عمرٍو وحمزةُ والكسائي بالتاء، وقرأ غيرُهم بالياءِ. قال إبراهيمُ النخعيُّ وجماعةٌ من المفسِّرين: (إنَّ كُلَّ شَيْءٍ سَبَّحَ للهِ حَتَّى صَرِيرُ الْبَاب)، ولِهذا قَالَ اللهُ تَعَالَى: { وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ }؛ أي لا تَعلَمُونَ، قال الحسنُ والضحَّاك: (يَعْنِي كُلَّ شَيْءٍ فِيْهِ الرُّوحُ)، وقال قتادةُ: (يَعْنِي الْحَيْوَانَاتِ)، وقال عكرمةُ: (وَالشَّجَرُ يُسَبحُ وَالاسْطِوَانَةُ تُسَبحُ).
وَقِيْلَ: إن الترابَ يسبحُ ما دام يَابساً، فإذا ابْتَلَّ تركَ التسبيحَ! وإنَّ الماءَ يُسَبحُ ما دامَ جَارياً، فإذا ركَدَ تركَ التسبيحَ! وإنَّ الورقَ ما دامَ على الشَّجرِ يسبحُ، فإذا سقطَ تركَ التسبيحَ! وإنَّ الثوبَ يسبحُ ما دامَ جَديداً، فإذا توَسَّخَ تركَ التسبيحَ! وإنَّ الوحشَ إذا صاحتَ سبَّحَتْ، فإذا سكَتَتْ تَرَكَتِ التسبيحَ.
وعن أنسٍ رضي الله عنه قالَ:
"كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذ كَفّاً مِنْ حَصَى فَسَبَّحَ فِي يَدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى سَمْعْنَا التَّسْبيحَ، فَصَبَّهُنَّ فِي أيْدِينَا فَمَا سَبَّحْنَ فِي أيْدِينَا"
]. قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً }؛ أي حَليماً لا يَعْجَلُ بعقاب الكفَّار، غَفُوراً يَسْتُرُ الذنوبَ على عبادهِ.