التفاسير

< >
عرض

وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً
٧٣
-الإسراء

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ }؛ وذلك "أنَّ ثَقيفاً أرسَلُوا وَفدَهُم إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينةِ، فقالُوا: يَا مُحَمَّدُ نَحْنُ أخْوَالُكَ وَأصْهَارُكَ وَجِيرَانُكَ، وَجِيرَانُ أهْلِ نَجْدٍ لَكَ سِلْماً وَصِرْهُمْ عَلَيْكَ حَزَناً، إنْ سَالَمْنَا سَالَمَ مَنْ بَعْدَنَا، وَإنْ حَارَبْنَا حَارَبَ مَنْ بَعْدَنَا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: مَاذا تُرِيدُونَ؟ قَالُواْ: نُبَايعُكَ عَلَى أنْ تُعْطِيَنَا ثَلاَثَ خِصَالٍ: أنْ لاَ نَنْحَنِي - يَعْنُونَ فِي الصَّلَوَاتِ - وَأنْ لاَ تُكْسَرَ أصْنَامُنَا بأَيْدِينَا، تُمَتِّعُنَا بالأَصْنَامِ سَنَةً.
فَقَالَ لَهُمُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: لاَ خَيْرَ فِي دِينٍ لاَ صَلاَةَ فِيْهِ وَلاَ رُكُوعَ وَلاَ سُجُودَ، وَأمَّا قَوْلُكُمْ عَلَى أنْ لاَ تَكْسِرُواْ أصْنَامَكُمْ بأَيْدِيكُمْ فَذلِكَ لَكُمْ، وَنَحْنُ نَبْعَثُ لَهَا مَنْ يَكْسِرُهَا، وأمَّا الأَصْنَامُ فَأَنَا غَيْرُ مُمَتِّعُكُمْ بهَا فَقَالُواْ: يَا رَسُولَ اللهِ فَإنَّا نُحِبُّ أنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أنَّكَ أعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ غَيْرَنَا، فَإنْ خِفْتَ أنْ تَقُولَ الْعَرَبُ أعْطَيْتَهُمْ مَا لَمْ تُعْطِنَا، فَقُلِ اللهُ أمَرَنِي بذلِكَ! فَسَكَتَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَقُلْ لاَ: رَجَاءَ أنْ يُسْلِمُواْ"
، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } أي يَصرِفُونَكَ عن الذي أمَرنَاكَ من كَسْرِ آلِهتِهم وعَيب دِينِهم؛ لتَفتَرِيَ علينا غيرَ الذي أمرنَاكَ به، فلو فعلتَ ما أرادوهُ، { وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً }؛ أي صَفِيّاً لمبايَعتِكَ إيَّاهم.