التفاسير

< >
عرض

وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً
٣٢
-الكهف

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً }؛ الآيةُ، هذا مثلٌ ضَرَبَهُ اللهُ لعبادهِ؛ ليستدعيَهم إلى طاعتهِ، ويزجرَهم عن كُفران نعمتهِ، والمعنى: واضرِبْ لَهم مثلاً رَجُلين.
قال ابنُ عبَّاس: (كَانُوا أخَوَيْنِ فِي بَنِي إسْرَائِيْلَ؛ تُوُفِّيَ أبُوهُمَا وَتَرَكَ ثَمَانِيَةَ آلافِ دِيْنَارٍ، وَكَانَ أحَدُهُمَا مُسْلِماً وَالآخَرُ كَافِراً، وَأصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أرْبَعَةَ آلاَفِ دِينَارٍ، فاَلْمُسْلِمُ أنْفَقَهَا فِي سَبيْلٍ حَتَّى أنْفَدَهَا فَأَوْجَبَ اللهُ لَهُ الْجَنَّةَ، وَالْكَافِرُ اشْتَرَى بهَا بَسَاتِيْنَ، فَاحْتَاجَ الْمُسْلِمُ إلَيْهِ فَأَتَاهُ يَتَعَرَّضُ إلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ: أيْنَ مَالُكَ؟ فَقَالَ لَهُ: أنْفَقْتُهُ فِي سَبيْلِ اللهِ، فَقَالَ لَهُ الْكَافِرُ: لاَ أُعْطِيْكَ حَتَّى تَتَّبعَ دِيْنِي، ثُمَّ أخَذ بيَدِ أخِيْهِ فَأَدْخَلَهُ بَسَاتِيْنَهُ، وَجَعَلَ يَطُوفُ بهِ فِيْهَا وَيَقُولُ لَهُ: مَا أظُنُّ أنْ تَبيدَ هَذِهِ أبَداً، فَذلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: { جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ } أي جعلَ للكافرِ منهُما بساتينَ من كُرُومٍ، وجعلَ حَوْلَ البساتينِ نَخيلاً وجعلنا بينَ البساتينِ زَرْعاً؛ أي يزرعهُ.