التفاسير

< >
عرض

كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً
٣٣
وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً
٣٤
-الكهف

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً }؛ أي كِلاَ البساتين أخرجَتْ ثَمرها ولَم تنقُصْ منه شيئاً كأنْ ما أن يذهبُ صنفٌ من الثمار إلاّ أثْمرَ صنفٌ آخر، وإنَّما قال: آتَتْ؛ ولَم يقل آتَتَا؛ لأن المعنى أعطَتْ كلُّ واحدةٍ من الجنَّتين، ولفظُ كِلْتَا واحدةٌ؛ لأن الألِفَ في كلتا ليسَتْ ألِفَ تثنيةٍ، كأنه قالَ: كلُّ واحدةٍ منهُما آتَتْ أكُلها.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً }؛ أي فجَّرنا وسطَ البساتين نَهراً نَسقيها، { وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ }؛ أي كان لِهذا الكافرِ ذهبٌ وفضة ومن كل المال، وقيل: من قرأ: (ثُمُرٌ) بضم الثاء، فمعناه صنوف من الأموال: الذهب والفضة وغيرهما، يقالُ: أثْمَرَ الرجلُ إذا كَثُرَ مالهُ. ومن قرأ بنصب الثَّاء كان معناهُ ثَمرة البساتينِ، والأولُ هو الأقربُ لأن قولَهُ { كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا } يدلُّ على الثِّمار، فاقتضَى أن يكون الثمرُ غير ذلك.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَقَالَ لِصَاحِبِهِ }؛ أي لأخيهِ المسلم؛ { وَهُوَ يُحَاوِرُهُ }؛ أي يراجعهُ بالكلامِ ويفاخرهُ: { أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً }؛ يعني خَدَماً وحَشَماً وولداً، يتطاولُ بذلك على أخيهِ، ورأى تلك النعمةَ مِن قِبَلِ نفسهِ لا من قِبَلِ اللهِ.