التفاسير

< >
عرض

فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً
٧٧
-الكهف

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا }؛ قيل هي قريةُ أنطاكيَّة، قَوْلُهُ تَعَالَى: { ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا } أي سَأَلاَ لَهم الطعامَ، { فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا }؛ قال صلى الله عليه وسلم: "وَكَانُوا أهْلَ قَرْيَةٍ لِئَاماً" .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ }؛ أي جِدَاراً مَائِلاً مُشْرِفاً على الانْهِدامِ يكادُ يسقطُ بسرعةٍ. قال وهبُ: (كان جِداراً طولهُ في السَّماءِ مائةُ ذراعٍ) وأمَّا قولهُ { يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ } هذا من مَجَازِ كلام العرب؛ لأن الجدارَ لا إرادةَ لهُ، وإنَّما معناه: قَرُبَ وَدَنَا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { فَأَقَامَهُ }. قال ابنُ عبَّاس: (هَدَمَهُ ثُمَّ أعَادَ بنَاءَهُ). وقال ابنُ جبير: (مَسَحَ الْجِدَارَ وَرَفَعَهُ بيَدِهِ فَاسْتَقَامَ). وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا } قرأ أبو رجاءٍ (يُضِيْفُوهُمَا) مخفَّفة.
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"كَانُوا أهْلَ قَرْيَةٍ لِئَاماً" ، وقال قتادةُ في هذه الآية: (شَرُّ الْقُرَى الَّتِي لا تُضَيِّفُ الضَّيْفَ، وَلاَ تَعْرِفُ لابْنِ السَّبيْلِ حَقَّهُ).
قَوْلُهُ تَعَالَى: { قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً }؛ أي قالَ لهُ موسى: لاتَّخذتَ على إقامتِكَ للجدار جُعلاً. وقُرِئَ (لتَخِذْتَ) ومعناهُ معنى الأول.