التفاسير

< >
عرض

ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ
٢
إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً
٣
قَالَ رَبِّ إِنَّي وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنِّي وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً
٤
-مريم

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ }؛ أي بهذا اذكر رحمةَ ربك على زكريَّا، أو ما يُتْلَى عليكم ذكرُ رحمةِ ربكَ، و(عَبْدَهُ) منصوبٌ بالرحمة. قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً }؛ أي إذ دعَا ربَّهُ سِرّاً في جوفِ اللَّيلِ مُخلصاً لَم يطَّلِعْ عليه إلاَّ اللهُ، { قَالَ رَبِّ إِنَّي وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنِّي }؛ أي ضَعُفَ منِّي.
قال قتادةُ: (شَكَا ذهَابَ أضْرَاسِهِ)، والوَهَنُ في اللغة: نُقْصَانُ الْقُوَّةِ، { وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً }؛ يقولُ: شِخْتُ وَضَعُفْتُ، ومن الموتِ قَرُبْتُ. والاشتعالُ: انتشارُ شُعَاعِ النَّارِ، واشتعالهُ في الشَّيْب من أحسنِ الاستعارةِ؛ لأنه ينتشرُ في الرأسِ، كما ينتشرُ شُعاع النارِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { شَيْبًا } نُصِبَ على المصدرِ، وهذا يدلُّ على أن أفضلَ الدُّعاء دعاءُ السرِّ، كما قال صلى الله عليه وسلم:
"خَيْرُ الدُّعَاءِ الْخَفِيُّ، وَأفْضَلُ الرِّزْقِ مَا يَكْفِي" .
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً }؛ أي كنتَ تُجيبُنِي إذا دعوتُكَ، وقد عوَّدْتَني الإجابةَ في ما مضى فلِمَ لا تُجيبُنِي.