التفاسير

< >
عرض

فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً
٥٩
-مريم

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ }؛ أي فخَلَفَ مِن بعد هؤلاء الأنبياءِ المذكورين والصالحينَ { خَلْفٌ } أي قومُ سُوءٍ وهم اليهودُ والنصارى ومَن لَحِقَ بهم. يقالُ في الرداءةِ: خَلْفٌ بإسكانِ اللام، وفي الصَّلاَحِ: خَلَفٌ بفتحِ اللام.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ } أي أخَّرُوها عن مواقيتِها لغيرِ عُذر، وَقِيْلَ: تَرَكُوها أصلاً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ } يعني المعاصِيَ وشربَ الخمرِ، واشتغَلُوا بالملذات في ما حُرِّمَ عليهم، وآثرُوها على طاعةِ الله تعالى. قال وهبٌ: (شَرَّابُونَ الْقَهَوَاتِ؛ لَعَّابُونَ بالْكِعَابِ؛ رَكَّابُونَ الشَّهَوَاتِ؛ مُتَّبعُونَ الْمَلَذاتِ؛ تَاركُونَ الْجَمَاعَاتِ؛ مُضَيِّعُونَ الصَّلَوَاتِ).
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً }؛ قال ابنُ مسعودٍ وعطاء: (هُوَ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ بَعِيْدُ الْقَعْرِ)، قال ابنُ عبَّاس: (الْغَيُّ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ تَسْتَعِيْذُ أوْدِيَةُ جَهَنَّمُ مِنَ حَرِّهِ أُعِدَّ لِلزَّانِي وَشَارِب الْخَمْرِ وَآكِلِ الرِّبَا وَأهْلِ الْعُقُوقِ وَلِشَاهِدِ الزُّورِ، وَلإمْرَاةٍ أدْخَلَتْ عَلَى زَوْجِهَا وَلَداً مِنْ غَيْرِهِ).
وَقِيْلَ: الغَيُّ وَادٍ في جهنَّمَ يسيلُ قيحاً ودَماً أُعِدَّ للغاوينَ، فسُمي غَيّاً؛ لأنهُ جزاءُ الْغَيِّ، كما قالَ تعالى
{ { يَلْقَ أَثَاماً } [الفرقان: 68] أي جزاءَ الإثمِ. وقال كعبٌ: (الْغَيُّ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ أبْعَدُهَا قَعْراً وَأشَدُّهَا حَرّاً، فِيْهِ بئْرٌ يُسَمَّى بَهْغَمُ، كُلَّمَا خَبَتْ جَهَنَّمُ فُتِحَ لَهَا بَابٌ إلَى تِلْكَ الْبئْرِ فَتُسْعَرُ بهِ جَهَنَّمُ).