التفاسير

< >
عرض

إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِٱلْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ ٱلْجَحِيمِ
١١٩
-البقرة

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِٱلْحَقِّ }؛ أي أرسلناكَ يا مُحَمَّدُ بالصِّدقِ؛ من قولِهم : فلانٌ مُحِقٌّ في دعواهُ إذا كان صادقاً، دليلهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: { { وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ } [يونس: 53] أي صِدْقٌ. وقال مقاتلُ: (مَعْنَاهُ: لَنْ نُرْسِلَكَ عَبَثاً بغَيْرِ شَيْءٍ؛ بَلْ أرْسَلْنَاكَ بالْحَقِّ) دليلهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: { { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } [الحجر: 85] وهو ضدُّ الباطل. قال ابن عباس: (بالْقُرْآنِ) دليلهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: { { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ } [ق: 5]. وقال ابنُ كيسان: (بالإسْلاَمِ) دليلهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: { { وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ } [الإسراء: 81].
قَوْلُهُ تَعَالَى: { بَشِيراً وَنَذِيراً }؛ أي بشيراً للمؤمنين بالثواب، ونذيراً للكَافرين بالعقاب. وقَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ ٱلْجَحِيمِ }؛ أي لَسْتَ تُسألُ فيِ الآخرة عن أصحاب الجحيم، كما قالَ:
{ { فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ } [فاطر: 8] وقالَ: { { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ } [آل عمران: 20]. ومَن فتحَ التاءَ فعلى النَّهي. وتأويلهُ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: "لَيْتَ شِعْرِي، مَا فُعِلَ بأَبَوَيَّ؟" فنَزلت هذه الآيةُ.
وفيه قراءَتان: الجزمُ على النهي، وهي قراءةُ نافعٍ وشيبةٍ والأعرجِ ويعقوبَ. وقرأ الباقون بالرفعِ على النَّفي؛ يعني ولَسْتَ تُسْأَلُ عنهم. وقرأ أُبَيُّ: (وَمَا تُسْأَل). وقرأ ابنُ مسعود: (وَلَنْ تُسْأَلْ). والْجَحِيْمُ وَالْجَحْمُ وَالْجَحْمَةُ: مُعْظَمُ الدَّار.