مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
خريطة الموقع
>
قائمة التفاسير
>
التفسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ)
النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ)
معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ)
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)
اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)
الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ)
تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ)
الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ)
تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ)
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
تفسير سفيان الثوري/ عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)
تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ)
تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ)
محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ)
تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ)
كتاب نزهة القلوب/ أبى بكر السجستاني (ت 330هـ)
عرض
وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ للَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجِّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
١٩٦
-البقرة
أضف للمقارنة
التفسير الكبير
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ للَّهِ }؛ إتْمامهما أن تُحرم بهما من دُوَيرَةِ أهلِكَ. وَقِيْلَ: إتمام العمرةِ إلى البيت، وإتمامُ الحج إلى آخرِ الحجِّ كله. وَقِيْلَ: إتْمامُهما أن تكون النفقةُ حلالاً وينتهي عن جميع ما نَهى الله عنه؛ ويأتِي بجميع ما شَرَعَ اللهُ من المشاعرِ والمواقف. وَقِيْلَ: أتِمُّوا الحجَّ والعمرة من المواقيت. { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ }؛ أي إن مُنِعْتُمْ مِن البيتِ بعدما أحرمتم بحجٍّ أو عُمرةٍ؛ فأردتُم الإحلالَ فعليكم مما تَيَسَّرَ من الْهَدْيِ.
قال ابنُ عبَّاس: (أعْلاَهُ بَدَنَةٌ؛ وَأَوْسَطُهُ بَقَرَةٌ؛ وَأدْنَاهُ شَاةٌ، يَبْعَثُ الْمُحْصِرُ بهَا إلَى مَكَّةَ وَيُوَاعِدُهُمْ الْيَوْمَ الَّذِي يَذْبَحُوهُ عَنْهُ. فَإذَا ذُبحَ عَنْهُ حَلَّ وَرَجَعَ إلَى أهْلِهِ. ثُمَّ يَقْضِي مَا كَانَ أحْرَمَ بهِ).
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ }؛ أي لا يحلقُ أحدكم رأسَه ولا يحل من الإحرام حتى يبلغَ الهديُ الحرمَ؛ أي حتى يعلمَ أن الهدي قد ذُبح عنه في الحرم.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً }؛ أي مَن كان مريضاً من الْمُحْرِمِيْنَ؛ مُحْصَرِيْنَ أو غير مُحْصَرِيْنَ، فلم يستطعِ الإقامةَ على شروطِ الإحرام، فعجَّل وفعلَ شيئاً مما يفعلهُ الحلال قبل أن يُنحر عنه الْهَدْيُ، { أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ }؛ أي أو كان في رأسهِ قملٌ يؤذيهِ لا يستطيع أن يصبرَ عليه، فحلقَ رأسَهُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ }؛ أي فَعليه فداءُ ما صنعَ صيامَ ثلاثة أيام، { أَوْ صَدَقَةٍ }؛ على ستَّةِ مساكين؛ لكل مسكينٍ نصفُ صاع من بُرٍّ أو صاع من تَمر، أو صاع من شعير، { أَوْ نُسُكٍ }؛ أي شاةٍ يذبحُها في الحرم.
"روي عن كعب بن عجرة: أنه قال: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِيَّ؛ مَرَّ بي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ له: أتُؤْذِيْكَ هَوَامُّ رَأسِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: احْلِقْ رَأسَكَ وَأَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِيْنَ؛ لِكُلِّ مِسْكِيْنٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ، أوْ صُمْ ثَلاَثَةَ أيَّامٍ، أوْ أُنْسُكْ بنُسَيْكَةٍ"
.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجِّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ }؛ أي فإذا أمنتم الموانعَ من المرض والعدوِّ وكل مانع. ويقال: في الآية إضمارٌ تقديره: فإذا أمنتم من العدوِّ وبرئتم من المرضِ، فاقضوا ما كنتم أحرمتم به قبلَ الإحصار من حجِّ أو عمرةٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجِّ } أي من بدأ بالعمرة في أشهر الحجِّ؛ وأقامَ بمكة في عامه للحجِّ؛ فحج من غيرِ أن يرجِعَ إلى أهله؛ فَعليه ما تيسَّر من الهدي. وقَوْلُهُ تَعَالَى: { فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ }؛ أي فمَن لَم يجدِ الهديَ ولا عنه؛ فعليهِ صيامُ ثلاثة أيام في الحجِّ يصومها قبل يوم النَّحرِ متتابعات ومتفرِّقات؛ وصيامُ سبعةِ أيَّام إذا رجعَ إلى أهلهِ. ويقالُ: إذا رجعَ من مِنى. ويقال: إذا رجعَ إلى ما كان عليهِ؛ أي فرغَ من أمرِ الحجِّ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ }؛ أي كاملةٌ للثواب. وَقِيْلَ: كاملةٌ للهدي. قَوْلُهُ تَعَالَى: { ذٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ }؛ أي ذلك التمتعُ والهديُ لِمن لَم يكن أهلهُ حاضِري مكةَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }؛ أي اتقوا اللهَ في جميعِ ما أُمِرْتُم به ونُهيتم عنه.
وقد اختلفَ السلفُ في وجوب العُمرة؛ فروي عن ابنِ مسعود والشعبيِّ وإبراهيم النخعيِّ: (إنَّهَا تَطَوُّعٌ)، وبه قال أبو حَنيفةَ وأصحابهُ ومالكٌ. وعن عائشةَ وابن عبَّاس وابن عمرَ ومجاهد: (أنَّهَا وَاجِبَةٌ)؛ وبه قال الشافعيُّ. ولا دلالةَ في هذه الآية على الوُجوب؛ لأن لفظَ الإتْمامِ يقتضي نفيَ النقصانِ عنها إذا فُعلت؛ لأن ضدَّ الإتْمامِ هو النُّقصانُ.
وقرئَ (وَالْعُمْرَةُ للهِ) بالرفعِ على معنى الابتداءِ. ومَن نصبَ العمرةَ احتملَ أن تكونَ للابتداءِ؛ لكن نصبهَا اتباعاً للحجِّ، كذا قال الزجَّاج. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { للهِ } فإنَّ أهلَ الجاهليةِ كانوا يُشرِكون في إحرامِهم؛ كانوا يقولونَ: (لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تَملكهُ وما ملكَ). تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبيْراً. فأمرَ اللهُ تعالى بإخلاصِ القولِ والعمل للهِ تعالى.
وأما لفظُ الإحصار فقد ذكرَ الكسائيُّ وأكثر أهل اللغة: (أنَّ الإحْصَارَ هُوَ أنْ يَكُونَ بمَرَضٍ أوْ عَدُوٍّ، وَالْحَصْرُ: أنْ يَكُونَ بحَبْسِ عَدُوٍّ، يُقَالُ: أحْصَرَهُ الْمَرَضُ أو الْعَدُوُّ فَهُوَ مُحْصَرٌ. وَحَصَرَهُ الْعَدُوُّ فَهُوَ مَحْصُورٌ) وهذا على مذهبنا مستمرٌّ. وقال الفرَّاءُ: (لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْحَصْرِ وَالإحْصَار، وَهُمَا شَرِيْكَانِ فِي الْمَعْنَى) وهذا قريبٌ من مذهب الشَّافعي، فإن عندهُ لا يكون المريضُ مُحْصِراً ولا يكون الإحصارُ إلا بالعدوِّ. فأما المريضُ فلا يتحلَّلُ بالهدي وإن لَم يقدر على الذَّهاب. وأنكرَ المبردُ والزجاج على الفراءِ وقالاَ: (إنَّ الْحَصْرَ وَالإحْصَارَ مُخْتَلِفَانِ فِي الْمَعْنَى؛ ألاَ تَرَى أنَّكَ تَقُولُ: حَبَسْتُ الرَّجُلَ؛ إذَا جَعَلْتَهُ فِي الْحَبْسِ، وَأحْبسُهُ إذَا عَرَّضْتَهُ لِلْحَبْسِ).
والهديُ في اللغة: اسمٌ لِما يُهدى إلى البيتِ؛ وهو جمعُ هديَّةٍ كما يقال: جَدَي وجَدِيَّةٌ. وعن عائشةَ وابن عمر أنَّهما قالاَ: (إنَّ الْهَدْيَ إنَّمَا يَكُونُ بَقَرَةً أوْ بَدَنَةً). وفائدةُ قوله: { فَمَا ٱسْتَيْسَرَ } على هذا القول التخيرَ بين أعيانِ الإبل والبقرِ، ولا يجوزُ من كلِّ شيء إلا الشيء فصاعداً، إلا الجذعَ من الضأن فإنه يُجزي على ما وردَ في الأُضحِيَةِ؛ وهو ما مضَى له ستةُ أشهر. والثَّنِيُّ: البالغُ من كل شيءٍ؛ وهو عند الفقهاءِ في الغنَمِ ما له سَنةٌ؛ وفي البقرِ ما له سَنتان؛ وفي الإبلِ ما له خمسُ سِنين.
واختلفوا في المذكور في قولهِ { حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ } قال ابنُ مسعود وابنُ عبَّاس؛ وعطاء وطاووس ومجاهدُ: (مَحِلُّهُ: مَنْحَرُهُ؛ وَهُوَ الْحَرَمُ) وقال مالكُ والشافعيُّ: (مَحِلُّهُ: الْمَوْضِعُ أُحْصِرَ فِيْهِ؛ فَيَكُونُ الْمَعْنَى حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ؛ أيْ يَنْحَرُ الْهَدْيَ فَيَحِلُّ أكْلُهُ). وظاهرُ الآية تقتضي أن (يَبْلُغَ الْهَدْيُ) بعد الإحصار مبلغاً لَم يكن بَالِغاً قبل ذلكَ؛ ولو كان موضعُ الإحصار مَحِلاً للهدي لكانَ بالغاً محله لوقوعِ الإحصار، وأدَّى ذلك إلى بُطلانِ الغايةِ المذكورةِ في الآية.
وأما قولهُ في شأنِ الحديبية
{
{ وَٱلْهَدْيَ مَعْكُوفاً }
[الفتح: 25] أي يبلغ محِله فهو حجةٌ في أن المحِل هو الحرمُ؛ وليس في تلك الآيةِ بيانُ موضعِ الذَّبح أنه كان في الحلِّ أو الحرمِ، فيحتملُ أن الهديَ كان ممنوعاً عن الحرمِ؛ ولَمَّا وقعَ الصلحُ أطلقوا الهديَ حتى ذُبحَ في الحرمِ.
وذهبَ أبو يوسف ومحمَّد: إلى أنَّ هديَ المحصرِ بالحجِّ مؤقَّت بيومِ النحرِ؛ وليسَ في هذه الآية أنَّ المرادَ بالمحِل الزمانُ؛ لأنَّ قوله تعالى: { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ } عائدٌ إلى الحجِّ والعمرة المذكورين في أوَّل هذه الآيةِ. ولا خلافَ أن هديَ الْمُحصَرِ بالعمرةِ غير مؤقَّت بيوم النحرِ، وفي ظاهرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: { وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ } دليلٌ على أن المحصرَ إذا لم يجدِ الهديَ لا يحلُّ حتى يجد الهدي فيذبحُ عنه. وقال عطاء: (يَصُومُ عَشْرَةَ أيَّامٍ وَيُحِلُّ كَالْمُتَمَتِّعِ إذَا لَمْ يَجِدْ).
فَصْلٌ: وإذا لَم يَصُمْ الثلاثةَ أيامٍ قبل يوم النحرِ - أعني المتمتعَ والقارنَ - فقد اختلفوا في ذلك؛ فقال عمرُ وابنُ عبَّاسٍ وابن جبيرٍ: (لاَ يُجْزِيَهُ إلاَّ الْهَدْيُ، وَلاَ يَحِلُّ إلاَّ بهِ). وهو قولُ أبي حنيفةَ وأصحابهِ. وقال ابنُ عمر وعائشةُ: (يَصُومُ أيَّامَ مِنَى) وهو قولُ مالك. وقالَ عليٌّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ: (يَصومُ أيَّامَ التَّشريْقِ) وهو قولُ الشافعيُّ.
والفائدةُ في قولهِ: { تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ } أنه كان يجوزُ أن يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أن البدلَ لا يُلْحَقُ بالْمُبْدَلِ في الثواب؛ فبيَّن اللهُ تعالى أنه في الكَمَالِ بمنْزلة المبدّل أن لو فَعَلَهُ. ويقال: إنَّ (الواوَ) قد جاءت في القُرْآنِ بمعنى (أوْ) التي للتخييرِ كما في قَوْلِهِ تَعَالَى:
{
{ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ }
[النساء: 3] فربَّما يتوهَّمُ أن هذا مثلَ ذلك؛ فأكَّدَ الله تعالى صومَ العشرةِ كلِّها بقولهِ: { تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ } لإزالةِ هذا الإشكالِ.
فَصْلٌ: اختلفوا في حاضرِ المسجدِ الحرام؛ فقال عطاءُ ومكحول: (هُمْ كُلٌّ مِنْ دُونِ الْمَوَاقِيْتِ إلَى مَكَّةَ) وهو قولُ أبي حنيفةَ وأصحابه؛ إلا أنَّ أبَا حنيفةَ وأصحابه يقولون: (أهْلُ الْمَوَاقِيْتِ بمَنْزِلَةِ مَن دُونَهَا؛ لأنَّهُمْ فِي حُكْمِ أهْلِ مَكَّةَ يَجُوزُ لَهُمْ دُخُولُهَا بغَيْرِ إحْرَامٍ). وقال ابنُ عبَّاسٍ ومجاهد: (هُمْ أهْلُ الْحَرَمِ) وقال الحسنُ وطاووس ونافعٌ: (هُمْ أهْلُ مَكَّةَ). وقال الشافعيُّ: (هُمْ مَنْ كَانَ دَارُهُ دُونَ اللَّيْلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ؛ وَذلِكَ مِقْدَارُ أقْرَب الْمَوَاقِيْتِ إلَى مَكَّةَ).
وظاهرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: { ذٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } يقتضِي الإشارةَ إلى الهدي والْمُتعةِ جميعاً؛ فلا يباحُ المتعةُ والقِران لأهلِ المواقيت ومَن دونَها إلى مكة. وذهبَ الشافعيُّ إلى أن قَوْلُهُ: { ذٰلِكَ } إشارةٌ إلى الهدي دونَ المتعة والقِران، فتجوزُ عنده المتعةُ والقِران لأهلِ مكَّة، ولكن لا هَديَ عليهم.
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2024 © جميع الحقوق محفوظة