التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ
٢٠٦
-البقرة

التفسير الكبير

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلإِثْمِ }؛ أي إذا قيلَ لها المنافق: احذرْ عقوبةَ الله ولا تفسدْ، أخذتْهُ الْمَنَعَةُ والحميَّةُ والأَنَفَةُ بسبب الإثم الذي فيهِ والكفرِ الذي في قلبهِ؛ يعني أنه تَكَبَّرَ وقال: أمثلي يقالُ له: اتَّقِ. ويقال: حملتهُ العزَّة على فعل ما يوجبُ الإثمَ.
وقَوْلُهُ تَعَالَى: { فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ }؛ أي كفاهُ النارُ في الآخرة عقوبة ونَكالاً. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ }؛ أي لبئسَ القرار النارُ. والْمِهَادُ: الْفِرَاشُ الْمُوطِئُ للنومِ كما يُمهد للطفلِ؛ فلما كان المعذَّبُ يُلْقَى في نار جنهم، جعل ذلك مهاداً له على معنى: أنَّ جهنم للكافرِ مكان كالمهادِ للمؤمن في الجنةِ.
ويُحكى: أنَّ يهودياً كانت له حاجةٌ إلى هارون الرشيد، فاختلفَ إلى بابهِ زماناً فلم يَقْضِ حاجتهُ، فوقفَ يوماً على الباب، فخرجَ هارونُ وهو يسعى بين يديهِ، فقال لهُ: اتَّقِ اللهَ يا أميرَ المؤمنين! فَنَزَلَ هارونُ عن دابَّته وَخَرَّ سَاجِداً؛ فلما رفعَ رأسهُ أمَرَ بحاجته فَقُضِيَتْ. فقيلَ له: يا أميرَ المؤمنين، نَزَلْتَ عن دابَّتك لقولِ يهوديٍّ؟! قال: لاَ، ولكنْ ذكرتُ قولَ اللهِ { وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ }.