التفاسير

< >
عرض

قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ
٦٨
وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوۤاْ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ
٦٩
فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ
٧٠
-طه

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ }؛ عليهم بالظَّفَرِ والغلبة. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ }؛ يعني العصَا، { تَلْقَفْ مَا صَنَعُوۤاْ }؛ أي تَلْقَمْ وتَبْلَعْ ما طَرحُوا من العصيِّ والحبالِ، { إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ }؛ أي أنَّ الذي صنعوهُ كَيْدُ سَاحِرٍ. وقُرئ (كَيْدُ سِحْرٍ) كما قالوا بمعنى حذر، { وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ }؛ أي لا يَغْلِبُ حَقَّكَ بباطلهِ. وَقِيْلَ: لا يُسْعَدُ السَّاحرُ حيث كان.
فألقَى موسى عصاهُ فتلقَّفت جميعَ ما صنعوا، ثُم أخذها موسى فرجعت عصا كما كانت، { فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ }؛ فما رفَعُوا رؤوسَهم حتى رأوا الجنةَ والنار، ورأوا ثوابَ أهلِها، فعندَ ذلك قالوا: (لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ البيِّنات) يعني الجنةَ والنار، وما رأوا مِن درجاتِهم.
قال: وكانتِ امرأةُ فرعون تسألُ مَنْ غَلَبَ؟ فقيل لَها: موسى، فقالت: آمنتُ برب موسى وهارون، فأرسلَ إليها فرعونُ، فقال: انظرُوا إلى أعظمِ صخرة تَجدونَها فأْتُوها، فإنْ هي رجعت عن قولِها وإلاّ فألْقُوها عليها، فلما أتَوها رفعت ببصرِها إلى السَّماءِ فرأتِ الجنَّةَ فقالت:
{ رَبِّ ٱبْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي ٱلْجَنَّةِ } [التحريم: 11] فانْتُزِعَتْ روحُها، والصخرةُ على جسدٍ لا روحَ فيه.