التفاسير

< >
عرض

فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُواْ هَـٰذَآ إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ
٨٨
-طه

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ }؛ أي أخرجَ لَهم من النار صورةَ عِجْلٍ صاغَها من الحليِّ، قَوْلُهُ تَعَالَى: { لَّهُ خُوَارٌ } أي صَوْتٌ كصوتِ العجل.
واختلفوا في هذا الْخُوَارِ؛ قال مجاهدُ: (خُوَارُهُ حَفِيْفُ الرِّيْحِ إذا دَخَلَتْ جَوْفَهُ، وَذلِكَ أنَّهُ كَانَ جَعَلَ فِي جَوْفِ الْعِجْلِ خُرُوقاً إذا دَخَلَتْهَا الرِّيْحُ أوْهَمَ أنَّهُ يَخُورُ). قال الحسنُ وقتادة والسديُّ: (كَانَ السَّامِرِيُّ ألْقَى عَلَيْهِ شَيْئاً مِنْ أثَرِ فَرَسِ جِبْرِيْلَ كَمَا قَالَ:
{ { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا } [طه: 96]، فَانْقَلَبَ الْعِجْلُ حَيْوَاناً يَخُورُ) أي وكان معلوماً في ذلكَ الزمانِ أنَّ مَن أخذ من حافرِ دابة مَلَكٍ، فألقاها على شيءٍ صارَ ذلِك الشيءُ حيواناً.
قالوا: وإنَّما عَرَفَ أن راكبَ تلك الدَّابة جبريلُ؛ لأنَّها كانت لا تضعُ حافِرَها على موضعٍ إلاّ اخْضَرَّ. ويروَى أن هارونَ مَرَّ بالسامريِّ وهو يصنعُ العجلَ، فقالَ لهُ: ما تصنعُ؟ قال: أصنعُ ما ينفع ولا يضرُّ، ثُم قال لِهارون: ادعُ لِي، فقال: اللَّهُمَّ أعْطِهِ ما يسألُ كما يحبُّ، فسألَ اللهَ أن يجعلَ للعجلِ خُواراً، فكان الخوارُ يخرج من ذلك الجسدِ الْمُجَسَّدِ كما يخورُ الثور، فأوهَمَهم السامريُّ أنه حَيٌّ فافتتنَ به قومٌ فعبدوه، ولو رجَعُوا إلى عُقولِهم لعرفوا أنه لا يصلحُ أن يكون إلَهاً؛ لأنه مصنوعٌ صنعةَ آدميٍّ مخلوقٍ من حُلِيٍّ مخلوقة.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَقَالُواْ هَـٰذَآ إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ }؛ أي قال لَهم السامريُّ ذلك ووافقَهُ قومٌ على ذلك. قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَنَسِيَ }؛ أي فَنَسِيَ السامريُّ الإسلامَ؛ أي فَتَرَكَهُ، وَقِيْلَ: معناه: قال السامريُّ لِمن وافقَهُ على كُفْرِهِ: إن موسَى أرادَ هذا العجلَ، فترك الطريق الذي كان يصلُ إليه؛ أي أن موسى تركَ إلَهَهُ هنا، وذهبَ يطلبهُ.