التفاسير

< >
عرض

فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ
١٥
-الأنبياء

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ }؛ أي فما زالت تلكَ الكلمةُ وهو قولُهم: { يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } لَم يزالوا يردِّدُنَها إلى أن ماتُوا وخَمَدُوا فصاروا كالزَّرْعِ الحصيدِ، والحصيدُ: هو الزَّرْعُ الْمَحْصُودُ، والْمَخْمُودُ: وهو الْمَهْمُودُ كَخُمُودِ النَّارِ إذا أُطْفِيَتْ.
قِيْلَ: نزلت هذه الآيةُ في أهلِ خَضُورٍ وهي قريةٌ من اليَمَنِ كان أهلُها من العرب، بعثَ اللهُ إليهم نبيّاً يدعوهم إلى اللهِ فكَذبوهُ وقتلوهُ، فسَلَّطَ اللهُ بخْتْنَصِّرَ حتى قَتَلَهُمْ وسَبَاهُم ونَكَّلَ بهم، فلما أثْخَنَ فيهم القتلَ نَدِمُوا وهربوا وانْهزمُوا، فقالت لَهم الملائكةُ على طريقِ الاستهزاء: لا تركُضُوا وارجِعُوا إلى مساكنكم وأموالكم، فَاتَّبَعَهُمْ بخِتْنَصِّرَ وأخذتْهُمُ السيوفُ، ونادَى مُنَادٍ من السَّماء: يا ثاراتِ الأنبياءِ، فلمَّا رأوا ذلك أقَرُّوا بالذنوب حيث لَم ينفعهم، فقالوا: يَا وَيْلَنَا إنَّا كُنَّا ظَالِمِيْنَ، فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيْداً بالسيُّوف، كما يُحْصَدُ الزرعُ، خَامِدِينَ أي مَيِّتِيْنَ.