التفاسير

< >
عرض

وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ
٥٥
وَأَقِيمُواْ ٱلصَّـلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
٥٦
-النور

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ }؛ نزلت هذه الآيةُ في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أقَامُوا بمَكَّةَ مدَّةً قبلَ الهجرةِ لا يُمكِنُهم إظهارُ الإسلامِ، ولا أذِنَ لَهم في القتالِ، وكذلك بعدَما هاجَرُوا إلى المدينةِ وَآوَتْهُمُ الأنصارُ، رَمَتْهُمُ العربُ عن قوسٍ واحدة، وكانوا لا يَبيْتُونَ إلاّ مع السِّلاحِ ولا يُصبحُونَ إلاَّ فيه.
فجاءَ رجلٌ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أهَكَذا جَالَدتَّنَا أبَداً؟ فأنزلَ اللهُ هذه الآيةَ { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ } أي لَيُبَوِّأَنَّهُمْ أرضَ المشركين من العرب والعَجَمِ كما استخلفَ بني اسرائيلَ بأرضِ مِصْرَ والشَّام بعدَ إهلاكِ الجبابرة بأَنْ أورَثَهم أرضَهم وديارَهم وجعلهم سُكَّاناً ومُلُوكاً.
وقولهُ تعالى: { وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ }؛ أي ولِيُوَسِّعَ لَهم البلادَ حتى يَملكُوها ويُظْهِرَ دِينَهم على جميعِ الأديانِ، { وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً }؛ وقولهُ تعالى: { يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً }؛ يجوزُ أن يكون في موضعِ نصبٍ على الحال؛ أي لأَفْعَلَنَّ ذلك في حالِ عِبَادتِهم.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ }. وقولهُ تعالى: { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّـلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }؛ ظاهرُ الْمُرَادِ.