التفاسير

< >
عرض

إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ
٥٦
-القصص

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ }؛ ذهبَ أكثرُ المفسِّرين أنَّ هذهِ الآيةَ "نزلت في أبي طَالِبٍ، وَذلِكَ أنَّهُ لَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ، دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: يَا عَمِّ؛ قُلْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ أشْهَدُ لَكَ بهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قالَ: لَوْلاَ أنْ يُعَيِّرَنِي نِسَاءُ قُرَيْشٍ وَيَقُلْنَ: إنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى ذلِكَ الْجَزَعُ عِنْدَ الْمَوْتِ، لأَقْرَرْتُ بهَا عَيْنَكَ" ، فأنزلَ اللهُ تعالى { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } هِدايَتَهُ. وَقِيْلَ: إنَّكَ لا تَهدِي من أحبَبتَهُ.
و
"عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَمِّهِ أبي طَالِبٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ، وَعِنْدَهُ أبُو جَهْلٍ وَعَبْدُاللهِ بْنُ أُمَيَّةَ بَنِ الْمُغِيْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَمِّ؛ قُلْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ أُحَاج لَكَ بهَا عِنْدَ اللهِ فَقَالَ لَهُ أبُو جَهْلٍ وَعَبْدُاللهِ بْنُ أُمَيَّةَ: أتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِب؟!
فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَهُمَا يُعَاودَانِهِ عَلَى تِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ بهِ: أنَا عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَلِب، وَأبَى أنْ يَقُولَ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ"
، فَأَنْزَلَ اللهُ فِي أبي طَالِبٍ، وَقَالَ لِرَسُولِهِ: { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ }؛ قال الزجَّاج: (ابْتِدَاءُ نُزُولِهَا بسَبَب أبي طَالِبٍ، وَهِيَ عَامَّةٌ؛ لأنَّهُ لاَ يَهْدِي إلاَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ). { وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ }.