التفاسير

< >
عرض

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
١١
-آل عمران

التفسير الكبير

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ }؛ الآيةُ؛ المعنى أنَّ الذين كفروا لن تُغني عنهم أموالُهم ولا أولادُهم مِن الله شيئاً عند حلولِ النقمة والعقوبة مثلَ آلِ فرعونَ وكفَّار الأممِ الخالية أخذناهُم وعاقبناهم فلم تُغْنِ عنهُم أموالُهم ولا أولادهم. وقيل: معناهُ عَادَةُ هؤلاءِ الكفَّار في الكفرِ والتكذيب بالحقِّ كعادة آلِ فرعونَ وعادة الذين مِن قبلِهم قومُ نوحٍ وعَاد وثَمود؛ { كَذَّبُواْ } بكتُبنا ورسُلنا فعاقبَهم اللهُ بكفرهم وشِركهم، { وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } إذا عاقبَ، فعقابهُ شديدٌ على الدَّوام، والتأبيدُ لا كعقوبةِ أهل الدُّنيا.
والدَّأبُ في اللغة: الْعَادَةُ، كذا قال النَّضِرُ بن شُميل والْمُبَرَّدُ، فيكون معناهُ: كعادَةِ آل فرعونَ. وقال الزجَّاج: (الدَّأبُ: الاجْتِهَادُ؛ أي كَاجْتِهَادِ آل فِرْعَوْنَ فِي كُفْرِهِمْ وَتَطَايُرِهِمْ عَلَى الْبَاطِلِ، يُقَالُ: دَأبَ فِي كَذا يَدْأبُ دَأباً إذا أدَامَ الْعَمَلَ فِيْهِ، ثُمَّ نُقِلَ مَعْنَاهُ إلَى الشَّأْنِ وَالْحَالِ وَالْعَادَةِ).
وقال ابنُ عبَّاس وعكرمةُ ومجاهد والضحَّاك والسديُّ: (مَعْنَاهُ: كَفِعْلِ آلِ فِرْعَوْنَ وَصُنْعِهِمْ فِي الْكُفْرِ وَالتَّكْذِيْب) يَقُولُ: كَفَرَتِ الْيَهُودُ بمُحَمَّدٍ كَكُفْرِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِهِمْ. وقال الربيعُ والكسائيُّ: (مَعْنَاهُ: كَشَبَهِ آلِ فِرْعَوْنَ). وقال سيبويه: (الْكَافُ فِي { كَدَأْب } فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، فَخَبَرُ الْمُبْتَدَأ تَقْدِيْرُهُ: دَأبُهُمْ كَدَأبِ آلِ فِرْعَوْنَ).