التفاسير

< >
عرض

ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوۤاْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ ٱلنَّاسِ وَبَآءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلْمَسْكَنَةُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَوْاْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ
١١٢
-آل عمران

التفسير الكبير

قوله عزّ وَجَلَّ: { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوۤاْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ ٱلنَّاسِ }؛ معناهُ: جُعِلَتْ عليهم مَذَلَّةُ القتلِ والسَّبي أينما وُجِدُوا أخِذُوا. قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ ٱللَّهِ } أي إلاَّ أن يعتَصِمُوا بعهدِ اللهِ وهو الإسلامُ. وقوله: { وَحَبْلٍ مِّنَ ٱلنَّاسِ } أي عهدٍ وأمَانٍ وعقدِ ذِمَّةِ المسلمينَ عليهم؛ يؤدُّون إليهم الخراجَ ليؤَمِّنوهُم. وفي الآيةِ اختصارٌ؛ تقديرهُ: إلاَّ أنْ يَعْتَصِمُوا بحَبْلٍ مِن اللهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَبَآءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ }؛ أي انصرَفُوا بغضبٍ؛ أي اسْتَوْجَبُوهُ مِن اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلْمَسْكَنَةُ }؛ أي جُعِلَ عليهم زيُّ الفقرِ والبُؤْسِ حتَّى صاروا من الذِّلَّةِ إلى ما لا يبلغُه أهلُ مِلَّةٍ بعدَ أن كانوا ذوي عِزٍّ ويَسَارٍ ومَنَعَةٍ، فترى الرجلَ منهم عليه البُؤْسُ والمسكنةُ وأنه لَغَنِيٌّ، ولم يبقَ لليهودِ منعةٌ في موضعٍ من المواضع.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَوْاْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }؛ أي ذلك الذُّلُّ والغضبُ عليهم من اللهِ بكفرِهم بُمَحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم والقرآنِ ورضاهُم بقتلِ الأنبياء بغير حقٍّ وعصيانِهم ومجاوزاتِهم الحدَّ.