التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللهِ كِتَٰباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي ٱلشَّٰكِرِينَ
١٤٥
-آل عمران

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَٰباً مُّؤَجَّلاً }؛ قال الأخفشُ: (اللاَّمُ فِي النَّفْسِ مَنْقُولَةٌ)، تقديرهُ: وما كانَتْ نفسٌ لِتَمُوتَ إلاَّ بإذْنِ اللهِ، كتبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ { كِتَٰباً مُّؤَجَّلاً } أي إلى أجَلٍ لِرِزْقِهِ وَعُمْرِهِ، فكلُّ نفسٍ لَهَا أجَلٌ تَبْلُغُهُ ورزْقٌ تستوفيَِهُ؛ لا يقدرُ أحدٌ على تقديْمهِ وتأخيرِه. في هذهِ تحريضٌ للمؤمنين على القِتَالِ؛ أي لا تتركُوا الجهادَ خِشْيَةَ الموتِ والقَتْلِ؛ فإنَّهم لم يَملكُوا قتلَكم. وانتصبَ قولهُ { كِتَٰباً مُّؤَجَّلاً } على المصدر كقولهِ تعالى: { { وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً } [النساء: 122] و { { رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } [الكهف: 82 ، والقصص: 46 ، والدخان: 6 ، وغيرها] و { صُنْعَ ٱللَّهِ } [النمل: 88] و { { كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } [النساء: 24]. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا }؛ يعني مَن يُرِدْ بعملهِ وطاعته الْمَدْحَةَ والرِّياءَ لا يُحْرَمُ حظَّه المقسومَ له في الدُّنيا مِن غيرِ أن يكونَ لَهُ حَظٌّ في الآخرةِ، يعني نُؤْتِهِ من الدُّنيا ما شاء مِمَّا قدَّرنا له، نَزَلَ ذلك في الذينَ تَرَكُوا الْمَرْكَزَ يومَ أحُد طَلَباً للغنيمةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا }؛ أي مَن يُرِدْ بعملهِ الآخرةَ نُعْطِهِ منها ما نَقْسُمُ لَهُ في الدُّنيا من الرِّزقِ، نَزَلَ في الذينَ ثَبَتُوا مع أمِيْرِهِمْ عبدُالله بن جُبير حتى قُتِلُوا. قَولُهُ تَعَالَى: { وَسَنَجْزِي ٱلشَّٰكِرِينَ }؛ أي المطيعينَ، يَجزيهِم الجنَّةَ في الآخرةِ. وقرأ الأعمشُ: (وَسَيَجْزِي الشَّاكِِرِيْنَ) بالياء، يعني اللهَ عَزَّ وَجَلَّ.