التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىٰ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلأُنْثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ
٣٦
-آل عمران

التفسير الكبير

قوله عَزَّ وَجَلَّ: { فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىٰ }؛ وذلك أنَّها كانت تظُنُّ وقتَ النَّذر أنَّ ما في بطنِها ذكراً؛ فلما ولدَت أنثى توهَّمت أن لا تُقْبَلَ منها؛ فـ{ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىٰ }، وكان هذا القولُ منها على وجهِ الاعتذار؛ لأنَّ سَعْيَ الأُنثى أضعفُ وعقلَها أنقصُ، { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ }، وكانوا لا يحرِّرون النساءَ لِخدمة البيتِ لِمَا يلحقهُنَّ من الحيْضِ والنِّفاسِ.
قوله عَزَّ وَجَلَّ: { وَلَيْسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلأُنْثَىٰ }؛ هو من قولِ المرأةِ؛ معناهُ: ليسَ الذكرُ كالأنثى في خدمةِ البيتِ؛ لأن الأُنثى عورةٌ فلا تصلُح لِما يصلحُ له الذكرُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ }؛ أي خَادِمَ الرَّب بلُغتهم.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ }؛ أي إنِّي أمنعُها وولدَها بكَ إنْ كان لَها ولدٌ من الشيطانِ الرَّجيمِ. الرَّجيمُ: المرجُوم وهو المطرودُ من رحمةِ الله تعالى. وعن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ:
"مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلاَّ وَلِلشَّيْطَانِ طَعْنَةٌ فِي جَنْبهِ حِيْنَ يُوْلَدُ فَيَسْتَهِلُّ صَارخاً مِنَ الشِّيْطَانِ الرَّجِيْمِ، إلاَّ مَرْيَمَ وَابْنَهَا عليه السلام، إقْرَؤُا إنْ شِئْتُمْ: وَإنِّي أعِيْذُهَا بكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ"
]. قرأ عليٌّ والنخعي وابنُ عامرٍ: (وَضَعْتُ) بضم التاء.