التفاسير

< >
عرض

كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوۤاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ وَجَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ
٨٦
-آل عمران

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ }؛ أي كيفَ يهديهم وقد كفرُوا بعدَ إذْ آمنُوا؛ وَ؛ بعدَ أن؛ { وَشَهِدُوۤاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ } يعني مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم؛ { وَجَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ }؛ أي دلالاتُ صِدْقِهِ ونبوَّتِه، فكيفَ يستحقُّون هدايةَ اللهِ تعالى. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَشَهِدُوۤاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ } عطفٌ على قولهِ { إِيمَانِهِمْ } دون قولهِ { كَفَرُواْ }، وقد يعطفُ الفعلُ على المصدر، كما يقالُ: أعجبَنِي ضربَ زيدٍ وإنْ غَضِبَ، وتقديرُ الآية: بعدَ أنْ آمنوا وبعدَ أن شَهِدُوا أنَّ الرسولَ حقٌّ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }؛ أي لا يُرْشِدُ المشركينَ ومَن لم يكن أهْلاً لذلكَ، فإنَّ ظاهرَ الآية يقتضي أنَّ مَن كفرَ بعد إسلامهِ لا يهديَهُ اللهُ، وأنَّ الظالمين لا يهديهم الله. وكثيرٌ من المرتدِّين أسلمُوا ومِن الظالمين تَابُوا. وقيل: معناهُ: لا يهديَهم اللهُ ما داموا مُقيمين على كفرِهم، فإذا جاهدُوا وقصَدُوا الرجوعَ إلى الحقِّ وَفَّقَهُمُ اللهُ كما قالَ تعالى:
{ { وَٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } [العنكبوت: 69]. وقيل: معنى الآيةِ: كيفَ يرحَمُهم اللهُ وينجِّيهم من العقوبةِ.