التفاسير

< >
عرض

ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
٢٨
-الروم

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ }؛ أي وَصَفَ لكم أيُّها المشركونَ مَثَلاً مِن أنفُسِكم، وبيَّن لكم ذلك الْمَثَلَ من أنفسِكم، ثُم بَيَّنَهُ فقالَ { هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ }، أي هل لَكم من عبيدِكم وإمائكم مِن شركاءٍ فيما رزقنَاكم من الأموالِ؛ أي هل يُشاركونَكم في أموالِكم فتكونوا أنتم مع عبيدِكم سواءٌ فيما أعطينَاكُم، { فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ }، أي تخافُونَ عبيدَكم أنْ يُقاسِموكم في مالِكم كما تخافونَ نساءكم وأقاربكم أن يورثوكم بعدَكم، أو تخافُوا لائمةَ عبيدِكم إذا لَم تعطُوهم حقَّهم، كما تخافون لاَئِمَةَ بعضِكم بعضاً من الأقارب والشُّركاء إذا لَم يؤدُّوا حقَّهم إليهم.
قالوا: لاَ! فقال: أفَتَرْضَوْنَ للهِ تعالى ما لا ترضَونَ لأنفُسِكم، تُشرِكون عبيدَ الله في مُلكهِ، وقد خلَقَهم، ولا تشركون عبيدَكم فيما رزَقَكم اللهُ وأنتم لَم تخلِقُوهم، وتجعلونَ الْخَوْفَ من عبيدِ الله كالخوفِ من الله إذ تعبدُونَهم كعبادةِ الله تعالى، { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }؛ أي هكذا يبيِّنُ الآياتِ واحدةً بعد واحدةٍ ليكون ذلك أقربَ إلى الفهمِ وواقع في القلب.
ومعنى { أَنفُسَكُمْ } ها هنا: أمثَالَكُمْ من الأحرار، كقوله
{ { وَلاَ تَلْمِزُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } [الحجرات: 11]. ومعنى الآيةِ: كيفَ رضِيتم أن تكون آلِهتُكم التي تعبدونَها لِي شركاءَ وأنتُم عبيدي وأنا مَالِكُهم جميعاً، فكما لا يجوزُ استواءُ المملوكِ مع سيِّده، كذلك لا يجوزُ استواءُ المخلوق مع خالقهِ.