قَوْلُهُ تَعَالَى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ وَٱخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ }؛ أي اتَّقُوا مخافةَ ربكُم، واخشَوا عذابَ يومٍ لا يُغنِي والدٌ عن ولدهِ، { وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً }؛ لاشتغالِ كلٍّ منهُم لنفسهِ.
وَقِيْلَ: معنى { لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ } أي لا يَحْمِلُ شيئاً من سيِّئاتهِ ولا يُعطيهِ شيئاً من طاعتهِ، { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ }؛ في البعث والجزاء أي صدق كائن، { فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا }؛ فلاَ تغتَرُّوا بالحياة الدُّنيا وما فيها من زينَتِها وزهرَتِها، { وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ }؛ الشَّيطانُ، فإنه هو الغَرُورُ، وهو الذي مَن يشاءُ أن يُغَرَّ، وغُرُورُ الشَّيطانِ تَمْنِيَتُهُ العبدَ: فإنَّ اللهَ تعالى غَفُورٌ، فَهَوَّنَ عليه رُكوبَ المعاصِي وما يَهواهُ.
ومَن قرأ (الْغُرُورُ) بضمِّ الغَينِ فهي مصدرٌ، ومعناهُ: الأبَاطِيلُ. وعن سعيدِ بنِ جُبير: (إنَّ الْغُرُورَ تَمَنِّي الْمَغْفِرَةِ مَعَ الإصْرَار عَلَى الْمَعْصِيَةِ).