التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً
٦٩
-الأحزاب

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ }، أي لا تكونُوا في أذى مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم كبني إسرائيلَ، الذين آذوا موسَى بعيبٍ أضافوهُ إليه، فبرَّأهُ اللهُ مما قالوا عليه، { وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً }، أي رفيعَ القدر والمنزلةِ.
واختلفوا في العيب الذي أضافَهُ بنوا إسرائيلَ إلى موسى، قال بعضُهم: كان هارونُ أحبَّ إلى بني إسرائيلَ من موسى لزيادةِ رفقه بهم، فلما ماتَ هارونُ في حالِ غيبتهما عنهم، قالوا: إنَّ موسى قتلَهُ لتخلصَ له النُّبوة، فأحياهُ الله تعالى حتى كذبَهم.
وقال بعضُهم: كان أذاهُم له أنهم رَمَوه بالأَدَرَةِ لكثرةِ حيائه واستتارهِ عن الناس، وكانت بنوا إسرائيلَ عُراةً ينظرُ بعضهم إلى سَوءَةِ بعضٍ، وكان موسى يغتسلُ وحدَهُ، فقالوا: واللهِ ما يمنعُ موسَى أن يغتسلَ معنا إلا أنه آدَرَ.
قال: فذهبَ يغتسلُ مرَّة، فوضعَ ثوبَهُ على حجرٍ، فذهبَ الحجرُ بثوبهِ، فخرجَ موسى من الماءِ في إثْرِ الحجرِ، يقول: ثَوبي يا حجرُ، حتى نظَرت بنوا إسرائيل إلى سَوأتهِ عليه السلام، فقالوا: واللهِ ما به من بأسٍ. فقامَ الحجرُ بعدما نظروا إليه وأخذ ثوبه، فطَفِقَ بالحجرِ ضَرباً. قال أبو هُريرة:
"وَاللهِ إنَّ بالْحَجَرِ نُدَبٌ سِتَّةٌ أوْ سَبْعَةٌ مِنْ ضَرْب مُوسَى" . قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً } أي حَظِيّاً لا يسألهُ شيئاً إلا أعطاهُ.