قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ}؛ أي ما أرسَلنَا في أهلِ قريَةٍ مِن رسولٍ إلاَّ قال رؤَساؤُها وأعيَانُها وأُولُو النِّعمَةِ فيها: {إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ}؛ مِن الإيْمانِ والتَّوحيدِ، {كَافِرُونَ * وَقَالُواْ}؛ للرُّسُلِ: {نَحْنُ أَكْثَـرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً}؛ فكما فُضِّلْنَا عليكم في الدُّنيا لن نُعَذبَ بذُنوبنا في الآخرةِ! افتخَرَ مُشرِكُوا مكَّة على رسولِ الله والمؤمنينَ بأموَالِهم وأولادِهم، وظَنُّوا أنَّ اللهَ إنَّما خوَّلَهم المالَ والولدَ كرامةً لَهم عندَهُ، فقالوا {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ}؛ أي إنَّ اللهَ أحسَنَ إليْنا بالمالِ والولدِ فلا يعذِّبُنا!
فقَالَ اللهُ تَعَالَى لِنَبيِّهِ عليه السلام: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ}؛ يعني أنَّ بَسْطَ الرزقِ وتضييقهِ مِن الله تعالى بفعلهِ إبتلاءً وامتحاناً، ولا يدلُّ البسطُ على رضَا اللهِ تعالى، ولا التضييقُ على سَخَطِهِ، {وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}؛ يعني أهلَ مكَّة لا يعلمونَ حين ظَنُّوا أنَّ أموالَهم وأولادَهم دليلٌ على كرامةِ اللهِ لَهم.