التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ
٤٦
-سبأ

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ }؛ أي آمُرُكم وأُوصِيكُم بخِصْلَةٍ واحدةٍ، وهي: { أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ }؛ أي تقُومُوا للهِ اثنَين اثنَين وواحداً واحداً، { ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ }, فيُناظِرُوا ويذكِّرُوا في أمرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، هَل تَرَوْنَ في فعلهِ وقَولهِ ودُعائهِ إلى توحيدِ الله ما يكونُ مِن كلامِ الْمَجانِين وأفعَالِهم، وهُو كَلامُ عالِمٍ حازمٍ؟ قال مقاتلُ: (وَالْمَعْنَى: ألاَ يَتَفَكَّرُ مِنْكُمْ وَاحِدٌ وَمَعَ صَاحِبهِ يَنْظُرُوا أنَّ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ دَلِيْلٌ عَلَى أنَّ خَالِقَهَا وَاحِدٌ لاَ شَرِيْكَ لَهُ).
قَوْلُهُ تَعَالَى: { مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ }؛ وذلكَ أنَّ المشركينَ قالُوا: إنَّ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم ساحرٌ مجنونٌ! فقال اللهُ تعالى: { مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ } وما صَاحِبُكم بمجنُونٍ، فعلَى هذا المعنى يكونُ قولهُ { مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ } ابتداءُ كلامٍ مِن اللهِ تعالى، ويجوزُ أن يكونَ المعنى: ثُم تتفكَّرُوا فتعلَمُوا بُطلاَن قولِكم في نِسْبَتِهِ إلى الجنونِ. وقَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ }؛ أي ما هُو إلاَّ رسولٌ مُخَوِّفٌ، { بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ }؛ أي بينَ يدَي القيامةِ لكي تُخَلِّصُوا أنفُسَكم من عذاب اللهِ بالتَّلافِي والتَّوبةِ.