التفاسير

< >
عرض

وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
١٢
-فاطر

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ }؛ قِيْلَ: هذه مثلٌ ضربَهُ اللهُ، يقولُ: كما لا يستوِي البحرَان أحدُهما عَذْبٌ في غايةِ العذُوبَةِ هنِيءٌ شرابهُ مَرِيءٌ، والآخَرُ مرٌّ زُعَافٌ لا يستطاعُ شرابه، فكذلك لا يستوِي المؤمنُ والكافر، والتقيُّ والفاسقُ. والسائغُ: هو السالكُ في الحلْقِ. والأُجَاجُ: شديدُ الْمُلُوحَةِ. وقرأ عيسى (سَيِّغٌ شَرَابُهُ) مثل ميِّتٍ وسَيِّد.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً }؛ أي ومِن كلِّ البحرَين تأكلُون السمكَ لا يختلفُ طَعْمُ السَّمكِ لاختلاف ماءِ البحرَين، فكذلك قد يولَدُ للكافرِ ولدٌ مسلم مثلَ خالدِ بن الوليد وعكرمةَ بن أبي جهلٍ وغيرِهما.
وقولهُ تعالى: { وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا }؛ قِيْلَ: أرادَ به إخراجَ اللُّؤلُؤِ والمرجان من أحدِهما خاصَّة وهو الملحُ. والمعنى: تَستَخرِجُونَ من الملحِ دون العَذْب. قِيْلَ: إن اللؤلؤَ قطرُ المطرِ يقعُ في جوفِ الصَّدَفِ فيكون منه اللؤلؤُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ }؛ أي ترَى السفُنَ جواري في البحرِ، قال مقاتلُ: (هُوَ أنْ تَرَى سَفِينَتَيْنِ، أحَدُهُمَا مُقْبلَةً وَالأُخْرَى مُدْبرَةً، وَهَذِهِ تَسْتَقْبِلُ تِلْكَ، وَتِلْكَ تَسْتَدْبرُ هَذِهِ، تَجْرِيَانِ برِيحٍ وَاحِدَةٍ).
قَوْلُهُ تَعَالَى: { لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ }؛ لتَطلبُوا من رزقهِ التجارةَ، فتحملُ النِّعَمُ فيها من بلدٍ إلى بلدٍ، قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }؛ أي فَعَلَ ذلك لتعلَمُوا أنَّ هذه النعَمَ من اللهِ، ولكي تشكرونَهُ عليها.