التفاسير

< >
عرض

وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ
٣٧
-فاطر

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا }؛ أي يستَغِيثُونَ في النار وهو افتعالٌ من الصُّراخِ يقولون: { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا }؛ من النار، { نَعْمَلْ صَالِحاً }؛ أي بقَولُ لا إلهَ إلاَّ اللهُ، وقولهُ تعالى: { غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ }؛ أي غيرَ الشِّركِ. فوبَّخَهم اللهُ تعالى فقالَ: { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ }، معناهُ: أوَلَمْ نُعمِّركُم مقدارَ ما يتَّعِظُ فيه مَن كان يريدُ أن يتَّعظَّ ويؤمِنَ. قال عطاءُ: (يُرِيدُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَنَةً)، وقال الحسنُ: (أرْبَعِينَ سَنَةً)، وقال ابنُ عبَّاس: (سِتِّينَ سَنَةً).
قَالَ: (هُوَ الْعُمْرُ الَّذِي أعْذرَ اللهُ إلَى ابْنِ آدَمَ، قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:
"مَنْ عَمَّرَهُ اللهُ تَعَالَى سِتِّينَ سَنَةً فَقَدْ أعْذرَ اللهُ إلَيْهِ فِي الْعُمُرِ" ). وعن أبي هُريرةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلَى السَّبْعِين، وَأقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذلِكَ" . قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْزِلُ مَنَايَا أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلَى السَّبْعِينَ" .
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ }؛ قال جمهورُ المفسِّرين: يريدُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم. ورُوي عن عكرمةَ وسُفيان بن عُيينة: (الْمُرَادُ مِنَ النَّذِيرِ الشَّيْبُ) وَمَعْنَاهُ: أوَلَمْ نُعَمِّركُم حتى شِبتُم؟. وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: "مَنْ أنَافَ سِنُّهُ عَلَى أرْبَعِينَ سَنَةً وَلَمْ تَغْلِبْ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ فَلْيَتَجَهَّزْ إلَى النَّار" .
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ }؛ أي فذُوقوا العذابَ فما للمُشرِكين من مانعٍ يَمنعُهم من العذاب.