التفاسير

< >
عرض

وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ
٦٨
-الزمر

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ }؛ قد ذكَرنا أن النفخةَ نفخَتان في قولِ أكثر المفسِّرين وبينَهما أربعون سَنة، فالنفخةُ الأُولى هي نفخةُ الصَّعقِ.
والصعقُ: هو الموتُ بصيحةٍ شديدة حالَّةٍ هَائلةٍ، ومنها الصواعقُ وهي التي تأتِي بشدَّةِ الرَّعدِ، وعن عبدِالله بن عمر قالَ:
"سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصُّور فَقَالَ: قَرْنٌ يُنْفَخُ فِيْهِ فَيُصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرَضِ" أي يَمُوتُونَ من الفزَعِ وشدَّة الصوتِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ }؛ يعني الملَكَ الذي ينفخُ في الصُّور، ثم يُمِيتهُ اللهُ بعدَ ذلك، وقال الحسنُ: (يَعْنِي جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإسْرَافِيلَ وَحَمَلَةَ الْعَرْشِ وَمَلَكَ الْمُوْتِ). وعن أبي هُريرة رضي الله عنه: "أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ جِبْرِيلَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: مَنِ الَّذِي شَاءَ اللهُ أنْ يَصْعَقَهُمْ؟ قَالَ: هُمُ الشُّهَدَاءُ مُتَقَلِّدُونَ أسْيَافَهُمْ حَوْلَ الْعَرْشِ" .
عن أنسٍ ابن مالك قالَ: "سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإسْرَافِيلُ وَمَلَكُ الْمَوْتِ، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: يَا مَلَكَ الْمَوْتِ خُذْ نَفْسَ إسْرَافِيلَ، فَيَأْخُذُهَا؛ ثُمَّ يَقُولُ: خُذْ نَفْسَ مِيكَائِيلَ، فَيَأْخُذُهَا، ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: يَا مَلَكَ الْمَوْتِ مَنْ بَقِيَ؟ فَيَقُولُ: سُبْحَانَكَ يَا رَب تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ بَقِيَ جِبْرِيلُ وَمَلَكُ الْمَوْتِ، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: مُتْ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ، فَيَمُوتُ، ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: يَا جِبْرِيلُ مَنْ بَقِيَ؟ فَيَقُولُ: تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ بَقِيَ وَجْهُكَ الْبَاقِي الدَّائِمُ، وَبَقِيَ جِبْرِيلُ الْمَيِّتُ الْفَانِي، فَيَقُولُ: يَا جِبْرِيلُ مُتْ، فَيَبْقَى سَاجِداً يَخْفِقُ بجَنَاحَيْهِ فَيَمُوتُ" .
وقال الضحَّاك: (مَعْنَى قَوْلِهِ: { إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ } هُمْ رُضْوَانُ وَالْحُورُ وَمَالِكُ وَالزَّبَانِيَةُ)، وقالُ قتادة: (اللهُ أعْلَمُ بثَنْيَاهُ). وَقِيْلَ: هم عقاربُ النار وحيَّاتُها.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ }؛ يعني نفخةَ البعثِ، { فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ }؛ ماذا يقالُ لهم.