قَوْلُهُ تَعَالَى: { ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ }؛ أي هم الذين يَنْتَظِرُونَ بكم الدَّوَائِرَ، ويرامون أحوالَكم يعني المنافقين، وَالْمُتَرَبصُ لِلشَّيْءِ: هُوَ الْمُتَوَقِّعُ لأَسْبَابه، ويسمَّى الْمُحْتَكِرُ مُتَرَبصاً لِتَوَقُّعِهِ غَلاَءَ السِّعرِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ }؛ أي اذا كان لكم ظَفَرٌ ودَوْلَةٌ وغَنِيْمَةٌ، { قَالُوۤاْ أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ }؛ أي قالَ المنافقون: ألَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ على دِينِكم فَأَعطُونا من الغنيمةِ، { وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ }؛ أي ظُهُورٌ على المسلمين؛ { قَالُوۤاْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }؛ أي قالَ المنافقون: ألَمْ نُخْبرْكُمْ بعَزِيْمَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ونُطْلِعْكُمْ على سِرِّهِمْ ونكتُبْ ذلكَ إليكُم ونحذِّرْكُم عنهُم ونُجِبْهم عنكُم ونُوَاليكُم، { فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ }؛ فاللهُ يقضِي بينَ المؤمنين والمنافقينَ والكفار { وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً }؛ أي لم يجعلِ اللهُ لليهود ظُهُوراً على المؤمنينَ.
وَقِيْلَ السبيلُ: الْحُجَّةُ، ولن يجعلَ اللهُ للكافرين مِن اليهودِ وغيرِهم حُجَّةً على المسلمينَ في الدُّنيا والآخرةِ، وَقِيْلَ: معنى السَّبيْلِ: الدَّوْلَةُ الدَّائِمَةُ. وَقِيْلَ: معناهُ: لن يُدْخِلَ اللهُ الكافرين الجنةَ؛ فيقولون للمؤمنين: ما أغْنَى عنكُم تَعَبُكُمْ في الدُّنيا، وما ضَرَّنَا كُفْرُنَا بعد أن تَسَاوَيْنَا.