التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً
٢٢
-النساء

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ }؛ روي أنَّهم كانوا بعدَ قوله: { { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً } [النساء: 19] إذا رَضِيَتِ المرأةُ أمسكَها وَلِيُّ الميتِ، وبرضَاها على حكمِ النِّكاح، فإذا سَخِطَتْ تَرَكَهَا فحرَّم اللهُ ذلك عليهم بهذه الآية. ومعنَاها: لاَ تَزَوَّجُوا ما تَزَوَّجَ آبَاؤُكم من النساءِ، ويقال: لاَ تَطَأُواْ ما وَطِئ آباؤُكم.
واسمُ النِّكَاحِ يقعُ على العقدِ والوطئ جميعاً. قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } معناه إلا ما قد سلف في الجاهليَّة من نكاحِ منكوحةِ الأب كان ذلك مَعْفُوّاً لكُم لا تؤاخَذُون به. وقال قُطْرُبُ: (هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ؛ تَقْدِيْرُهُ: لَكِنْ مَا قَدْ سَلَفَ فَدَعُوهُ فَاجْتَنِبُوا).
قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً }؛ يعني أنَّ نكاحَ امرأةِ الأب كان فاحشةً فيما سلفَ؛ لأنَّهم كانوا يسمُّونه في الجاهليِّةِ (نِكَاحَ الْمَقْتِ) وكان المولودُ يقال له الْمَقْتِيُّ، فأعلَمَهُم اللهُ تعالى أنَّ هذا الذي حَرَّمَ عليهم لم يزل مُنْكَراً في قلوبهم مَمْقُوتاً عندَهم، وَالْمَقْتُ: هُوَ الْبُغْضُ عَلَى أمْرٍ قَبيْحٍ رَكِبَهُ صَاحِبُهُ، وقيل الْمَقْتُ: هُوَ أشَدُّ الْبُغْضِ، والفاحشةُ اسمٌ لِما يرتفعُ ذكر قَبيحَتِهِ فيما بين الناس. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَسَآءَ سَبِيلاً }؛ أي نكاحُ امرأةِ الأب طريقُ سوءٍ؛ لأنه يؤدِّي إلى جهنَّمَ، و { سَبِيلاً }؛ نُصِبَ على التمييزِ.