التفاسير

< >
عرض

فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِيۤ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ
١٦
-فصلت

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً }؛ أي عَاصِفاً شديدَ الصَّوتِ، مأخوذٌ من الصَّرَّةِ وهي الصيحةُ، وقال ابنُ عبَّاس: (يَعْنِي الْبَاردَةَ، مَأْخُوذٌ مِنَ الصَّرِّ وَهُوَ الْبَرْدُ). قال الفرَّاءُ: (هِيَ الْبَاردَةُ تُحْرِقُ كَمَا تُحْرِقُ النَّارُ) وَهِيَ رِيْحٌ بَاردَةٌ شَدِيْدَةُ الْهُبُوب، ذاتُ صَوْتٍ تُحْرِقُ كَالنَّار.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { فِيۤ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ }؛ أي نَكِدَاتٍ مَشْؤُومَاتٍ عليهم، ذاتِ نُحُوسٍ، قال ابنُ عبَّاس: (كَانُواْ يَتَشَاءَمُونَ بتِلْكَ الأَيَّامِ). قرأ ابنُ عامرٍ وأهل الكوفة (نَحِسَاتٍ) بكسرِ الحاءِ، وقرأ الباقون بسكونِها، يقالُ: يَوْمُ نَحْسٍ وَنَحِسٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا }؛ أي عذابُ الْهَوْنِ وَالذُّلِّ وهو العذابُ الذي يُخزَونَ به، والْخِزْيُ والفَضِيحَةُ والنَّكَالُ كلُّه بمعنى واحدٍ، { وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ }، وعذابُ الآخرةِ أبلغُ في الْمَذلَّةِ وأبقَى وأشدُّ، لا يدفعُ عنهم ولا يخفَّفُ عنهم.