التفاسير

< >
عرض

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ
١٢
وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ
١٣
وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ
١٤

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ }؛ فيه تسليةٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: إنَّ هؤلاءِ الكفار سَلَكوا التكذيبَ طريقةَ مَن قبلِهم من الأُمم المكذِّبة لرُسلِهم، وقد رأيتُم كيف كان إنْكَاري عليهم، وكيف أهلَكناهُم.
والرَّسُّ: برزون اليَمَامَةِ، والنبيُّ هو حَنظَلُ بن سِنَان. وأصحابُ الأيْكَةِ قومُ شُعيب عليه السلام، والأَيكَةُ غَيْظٌ. وأما قومُ تُبَّعٍ فقد تقدَّم أن تُبَّعَ اسمُ ملكٍ حِميَر، وقد ذُكر ذلك في قولهِ تعالى:
{ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ } [الدخان: 37].
قَوْلُهُ تَعَالَى: { كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ }؛ أي كلٌّ مِن هؤلاءِ المذكُورين كذبَ الرُّسل، { فَحَقَّ وَعِيدِ }؛ أي فوجبَ عليهم عذابهُ، وحقَّ عليهم كلمةُ العذاب.
وسُمي تُبَّعاً لكثرةِ أتباعهِ وكان يعبدُ النارَ فأسلمَ ودعَا قومَهُ إلى الإسلامِ وهم حِميَرُ فكذبوهُ، قال حاتِمُ الرقَّاشي: كَانَ أسْعَدُ الْحِمْيَرِيُّ مِنَ التَّتَابعَةِ، آمَنَ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أنْ يُبْعَثَ بسَبْعِمِائَةِ سَنَةٍ، وَقَالَ:

شَهِدْتُ عَلَى أحْمَدَ أنَّهُ رَسُولٌ مِنَ اللهِ بَاري النَّسَمْ
فَلَوْ مَدَّ عُمْرِي إلَى عُمْرِهِ لَكُنْتُ وَزيراً لَهُ وَابْنُ عَمْ

قال قتادةُ: (ذمَّ اللهُ قَوْمَ تُبَّعٍ وَلَمْ يَذُمَّهُ، وَكَانَ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ، فَسَارَ بالْجُيُوشِ وَافْتَتَحَ الْبلاَدَ وَقَصَدَ مَكَّةَ لِيَهْدِمَ الْبَيْتَ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ لِهَذا الْبَيْتِ رَبّاً يَحْمِيهِ، فَنَدِمَ وَأحْرَمَ وَدَخَلَ مَكَّةَ وَطَافَ بالْبَيْتِ وَكَسَاهُ، وَهُوَ أوَّلُ مَنْ كَسَا الْبَيْتَ).