التفاسير

< >
عرض

فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ
٣٩
وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ ٱلسُّجُودِ
٤٠

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ }؛ أي إصبرْ يا مُحَمَّدُ على ما يقُولون من الأذى والتكذيب، وهذا قبلَ أن يؤمَرَ بالقتال، قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ }؛ أي صَلِّ بأَمرِ ربكَ واحْمَدْهُ، { قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ }؛ أرادَ بذلك صلاةَ الفجرِ وصلاةَ العصرِ. وَقِيْلَ: معناهُ: قبلَ الغروب: الظهرَ والعصرَ، { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ }؛ يعني: صلاةَ المغرب والعشاءِ. وسُمِّيت الصلاةُ تَسبيحاً لِمَا فيها من التسبيحِ: (سُبْحَانَ رَبيَ الْعَظِيمِ، وَسُبْحَانَ رَبيَ الأَعْلَى).
وقولهُ تعالى: { وَأَدْبَارَ ٱلسُّجُودِ }؛ يعني الرَّكعتين بعدَ المغرب وقبلَ الوترِ. وَقِيْلَ: التسبيحُ في أواخرِ الصَّلاة، يُسَبحُونَ اللهَ ثلاثاً وثلاثين، ويَحمَدُون ثلاثاً وثلاثين، ويُكَبرُونَ ثلاثاً وثلاثين. وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم:
"أنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ صَلاَتِهِ عِنْدَ انْصِرَافِهِ: { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ... } إلَى آخرِ السُّورة" .
وعن الشعبيِّ والأوزاعيِّ أنَّهما قالا: (أدْبَارُ السُّجُودِ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِب، وأدْبَارُ النُّجُومِ: الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ). وقال ابنُ زيدٍ: (مَعْنَى قَوْلِهِ { وَأَدْبَارَ ٱلسُّجُودِ } وَهُوَ النَّوَافِلُ، وَأدْبَارُ الْمَكْتُوبَاتِ).
قرأ الحسنُ وأبو عمرٍو ويعقوبُ وعاصم والكسائيُّ وابنُ عامرٍ: (وَأدْبَارَ) بفتحِ الألف جمعُ الدُّبُرِ. وقرأ الباقون بالكسرِ على المصدر مِن أدْبَرَ يُدْبرُ إدْبَاراً.