التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ ٱمْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ
٢١
-الطور

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ }؛ يعني أولادَهم الصِّغار والكبار؛ لأن الكبارَ يتبَعُون الآباءَ بإيمانِهم منهم، والصغارَ يتبَعون الآباءَ بإيمانٍ من الآباءِ، والولدُ يُحْكَمُ له بالإسلامِ تَبعاً للوالدِ، { أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ }؛ يُرفَعون إليهم لتَقَرَّ بهم أعيُنهم وإنْ كانوا دُونَهم في العملِ تكرُمَةً لآبائهم.
وعن عليٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
"إنَّ الْمُؤمِنِينَ وَأوْلاَدُهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَالْمُشْرِكِينَ وَأوْلاَدُهُمْ فِي النَّار" . ورُوي: "أنَّ خَدِيجَةَ بنْتَ خُوَيْلِدٍ سَأَلَتِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ وَلَدَيْنِ مَاتَا لَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: هُمَا فِي النَّار" .
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ }؛ أي لَمْ نُنْقِِصْ الآباءَ من الثواب حين ألَْحَقْنَا بهم ذُرِّيَّتهم.
قرأ أبو عمرٍو (وَأتْبَعْنَاهُمْ) بالألفِ والنُّون (ذُرِّيَّاتِهِمْ) بالألف وكسرِ اليَائَين لقولهِ { أَلْحَقْنَا } و(مَا ألَتْنَا) لئلا يكون الكلامُ على نسقٍ واحد. وقرأ الباقون (وَاتَّبَعَتْهُمْ) بالتاء من غيرِ ألف.
واختلَفُوا في قوله (ذُرِّيَّاتِهِمْ) بالتاءِ فقرأ نافعُ الأولَ (ذُرِّيَّتُهُمْ) بالتاءِ وضمَّها بغيرِ ألفٍ، وقرأ الثانِي (ذُرِّيَّاتِهِمْ) بالألف وكسرِ التاء. وقرأ ابنُ عامر (ذُرِّيَّاتِهِمْ) بالألف فيهما وكسرِ التاء، وقرأ الباقون بغير ألفٍ فيهما وفتحِ الثانية.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { كُلُّ ٱمْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ }؛ أي كلُّ امرئٍ كافرٍ بما عَمِلَ من الشِّرك مُرتَهَنٌ في النار، والمؤمنُ لا يكون مُرتَهناً لقولهِ:
{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلاَّ أَصْحَابَ ٱلْيَمِينِ } [المدثر: 38-39] واستثنى المؤمنين.