التفاسير

< >
عرض

أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ
١٩
وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ
٢٠
-النجم

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ * وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ } قرأ مجاهدُ وأبو صالح (اللاَّتَّ) بتشديد التاء، وقالوا: كان رجُلاً يَلُتُّ السَّوِيقَ للحاجِّ، فلما ماتَ عكَفُوا على قبرهِ يعبدونَهُ. وروَى السديُّ عن أبي صالح: (أنَّهُ كَانَ رَجُلاً بالطَّائِفِ يَقُومُ عَلَى آلِهَتِهِمْ وَيَلِتُّ لَهُمُ السَّوِيقَ بالزَّيْتِ، فَلَمَّا مَاتَ عَبَدُوهُ). وقال الكلبيُّ: (هُوَ رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ يُقَالُ لَهُ صِرْمَةُ بْنُ عُمَرَ، كَانَ يَسْلِي السَّمْنَ فَيَضَعُهُ عَلَى صَخْرَةٍ، فَتَأْتِي الْعَرَبُ فَتَلُتُّ بهِ أسْوِقَتَهُمْ).
"وأما العُزَّى فقال مجاهدُ: (شَجَرَةٌ لِغَطَفَانَ يَعْبُدُونَهَا) وَهِيَ الَّتِي بَعَثَ إلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَقَطَعَهَا، وَجَعَلَ خَالِدُ يَضْرِبُهَا بالْفَأْسِ وَيَقُولُ: يَا عُزَّى كُفْرَانَكِ لاَ سُبْحَانَكِ، إنِّي رَأيْتُ اللهَ قَدْ أهَانَكِ. فَخَرَجَتْ مِنْ تَحْتِهَا شَيْطَانَةٌ عَرْيَانَةٌ نَاشِرَةٌ شَعْرَهَا، دَاعِيَةٌ بوَيْلِهَا، وَاضِعَةٌ يَدَهَا عَلَى رَأسِهَا، فَقَتَلَهَا خَالِدٌ ثُمَّ رَجَعَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأخْبَرَهُ بذلِكَ، فَقَالَ: تِلْكَ الْعُزَّى، وَلَنْ تُعْبَدَ أبَداً" .
وأما مَنَاة فهو صنمٌ لخزاعة، وقال الضحَّاك: (مَعْنَاهُ: صَنَمٌ لِهُذيْلَ)، وقال: (إنَّ مَنَاةَ صَنَمٌ كَانَتْ لِهُذيْلَ وَخُزَاعَةَ يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ الله). وقال بعضُهم: اللاَّتُ والعُزَّى، ومناةُ أصنامٌ من حجارةٍ كانت في جوفِ الكعبةِ.
والمعنى: أخبرُونا عن الآلهةِ التي تَعبُدونَها من دونِ الله، هل لها قدرةٌ تُوصَفُ بها كما يوصَفُ اللهُ بالقدرةِ والعَظَمةِ، وهي أسماءُ أصنامٍ يَعبدونَها، وانتقَوا لها اسماً من أسماءِ الله تعالى، فقالوا: مِن الله اللاَّت، ومن العزيزِ العزَّى، ومن المنَّانِ مناةُ بالهاءِ.
وقال الزجَّاجُ: (الْوَقْفُ عَلَيْهَا بالتَّاءِ لاتِّبَاعِ الْمُصْحَفِ)، وكان ابنُ كثيرٍ يقولُ: (وَمَنَأَةَ) بالمدِّ والهمزةِ، والصحيحُ: قراءةُ العامَّة بالقصرِ، و(الثَّالِثَةَ) نعتٌ لِمَنَاة، يعني الثالثةَ للصَّنمين في الذِّكرِ، والأُخرى نعتٌ لها أيضاً.