التفاسير

< >
عرض

وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ
٨٢
-الواقعة

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ }؛ أي وتجعَلون شُكرَكم أنَّكم تكذِّبون بنعمةِ اللهِ عليكم، فيقولون: سُقِينَا بنَوءِ كذا. وذلك أنَّهم كانوا يقُولون: مُطِرنَا بنَوءِ كذا، لا يَنسِبُون السُّقيا إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فقيلَ لهم: وتجعَلُون شُكرَ رزقكم التكذيبَ؛ أي تجعلون بدلَ شُكرِكم تكذيبَكم بأنه من عندِ الله الرزَّاق.
وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قالَ:
"لَوْ حَبَسَ اللهُ عَنْ أُمَّتِي الْمَطَرَ سَبْعَ سِنِينَ ثُمَّ أنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْمَاءَ لأَصْبَحَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَقُولُونَ: مُطِرْنَا" .
ورُوي: "أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ فِي سَفَرٍ، فَنَزَلُواْ فَأَصَابَهُمُ الْعَطَشُ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَذكَرُواْ ذلِكَ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أرَأيْتُمْ إنْ دَعَوْتُ لَكُمْ إنْ سُقِيتُمْ، فَلَعَلَّكُمْ تَقُولُونَ: سُقِينَا هَذا الْمَطَرَ بنَوْءِ كَذا؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا هَذا بحِينِ الأَنْوَاءِ! فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَدَعَا رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَاجَتِ ريحٌ ثُمَّ هَاجَتْ سَحَابَةٌ، فَمُطِرُوا حَتَّى سَالَتِ الأَوْدِيَةُ وَمَلأَوا الأَسْقِيَةَ.
فَرَكِبَ صلى الله عليه وسلم فَمَرَّ برَجُلٍ يَغْرِفُ بقَدَحٍ لَهُ وَهُوَ يَقُولُ: سُقِينَا بنَوءِ كَذا، وَلَمْ يَقُلْ: هَذا مِنْ رزْقِ اللهِ تَعَالَى. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ: { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ }"
أي وتجعَلُون شُكرَكم للهِ على رزقهِ إيَّاكم أنَّكم تُكذِّبون بنعمَتهِ، وتقولون: سُقينا بنوءِ كذا.
وعن معاويةَ الليثي: أنَّ رَسُولَ اللهَ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"يُصْبحُ النَّاسُ مُجْدِبينَ، فَيَأْتِيَهُمُ اللهُ برِزْقٍ مِنْ عِنْدِهِ، فَيُصْبحُونَ مُشْرِكِينَ، يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بنَوْءِ كَذا وَكَذا" .