التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ
١١١
-الأنعام

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ }؛ نزلَتْ هذه الآيةُ في رهْطٍ من أهلِ مكَّةَ من المستهزئينَ، وهم: الوليدُ بنُ المغيرةِ؛ والعاصُ بنُ وائلٍ؛ والأسودُ بنُ عبدِ يَغُوثَ؛ وغيرُهم. قالوا: يا مُحَمَّدُ؛ ابْعَثْ لنا بعضَ موتَانا حتى نسألَهم عنكَ: أحقٌّ ما تقولُ أم باطلٌ؟ فنؤمِنُ بِكَ، وأرنَا الملائكةَ يشهدون أنَّكَ رسولُ اللهِ، وائْتِنَا باللهِ والملائكة قَبيْلاً - أي كَفِيلاً - على ما تقولُ إنه الحقُّ. فأنزلَ اللهُ تعالى هذهِ الآيةَ.
ومعناها: { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ } معاينةً للشَّهادةِ على نبوَّتكَ كما سألوكَ، { وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ } بأنكَ رسولُ اللهِ، وأنَّ القُرْآنَ كلامهُ، وجَمعنا عندَهُم كلَّ شيء من الطَّيرِ والوحوشِ والسِّباعِ وسائر الدواب كَفِيلاً يكفلُون بصحَّةِ ما تقولُ يا مُحَمَّدُ، ما كانوا لِيُؤْمِنُوا بكَ إلا أن يُوَفِّقَهُمُ اللهُ للإيْمانِ، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ }؛ أنَّ اللهَ قادرٌ على ذلك.
ويجوزُ أن يكون معنى (قُبُلاً) أي قََبيْلاً يقابِلُهم ويواجههم مِن الْمُقَابَلَةِ، ويقالُ: جماعةٌ على معنى أن القُبُلَ جمعُ القبيلِ، والقَبيْلُ جمعُ القبيلةِ؛ كسفينةِ وسُفُنٍ. قرأ أهلُ المدينةِ والشامِ: (قِبَلاً) بكسرِ القاف وفتحِ الباء؛ أي مُعَايَنَةً؛ والمعنى: لو نَاطََقَتْهُمْ الأرضُ والسَّماءُ والطير والوحوشُ أن مُحَمَّداً رسولُ اللهِ، وأن ما أتَاكُم به حقٌّ، قالوا لَهم ذلك معاينةً ومُشَافَهَةً؛ ما كانوا ليؤمنُوا إلا أنْ يَشَاءَ اللهُ.