التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ
١٤
-الأنعام

التفسير الكبير

وقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ }؛ أي قُلْ لَهم يا مُحَمَّدُ: أسِوَى اللهِ أَعْبُدُ رَبّاً وأتَّخِذُ نَاصراً، وقَوْلُهُ تَعَالَى: { فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي خالِقُهُما ومُبْدِعُهُما، قال ابنُ عبَّاس: (مَا كُنْتُ أدْري مَا { فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } حََتَّى أتَانِي أعْرَابيَّان يَخْتَصِمَانِ في بئْرٍ، فَقَالَ أحَدُهُمَا لِصَاحِبهِ: أنا فَطَرْتُهَا، أي ابتْدَأتُهَا، يَعْنِي ابْتَدَأتُ حَفْرَهَا).
قَوْلَهُ تَعَالى: { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ }؛ أي يرزقُ ولا يُرزق ولا يُعاوَن على الرِّزق. وقرأ الأعمشُ: (وَلاَ يَطَْعَمُ) بفتحِ الياء؛ أي يرزقُ ولا يَأْكُلُ؛ أي لا يجوزُ عليه الحاجةُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } انخفضَ لأنه نعتٌ لا اسمٌ لله تعالى، ويجوزُ نَصْبُهُ على معنى: أعْنِي فَاطرَ السماوات، ويجوزُ رفعه على إضمار (هُوَ).
قَوْلُهُ تَعَالَى: { قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ }؛ أي قُلْ لَهم يا مُحَمَّدُ: إنِّي أمِرْتُ أن أكُونَ أوَّلَ من أخلصَ لله بالتوحيدِ والعبادة من أهلِ هذا الزَّمان.
قَوْلُهُ تَعَالىَ: { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ }؛ لا يجوزُ أن يكونَ عطفاً على قولهِ: { قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } لأنه غيرُ مأمورٍ بأن يقولَ: { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ } وإنَّما هو نَهْيٌ معطوف على أمرٍ من حيثُ المعنى دون اللَّفظ؛ لأنَّ معنى الآيةِ: قِيْلَ لِي كذا: أوَّل من أسلمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكينَ.