التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
١٦١
-الأنعام

التفسير الكبير

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }؛ أي قل لَهم يا مُحَمَّدُ: إنَّنِي وَفَّقَنِي ربي وأرشدَنِي إلى دين الحقِّ الذي أدعُو الْخَلْقَ إليه. قَوْلُهُ تَعَالَى: { دِيناً قِيَماً }؛ أي دِيْناً هو غايةٌ في الاستقامة.
قرأ أهلُ الكوفةِ والشَّام: (قِيَماً) بكسرِ القاف وفتحِ الياء مخفَّفاً؛ فمعناهُ: المصدرُ؛ كالصِّغَرِ والكِبَرِ، ولم يقلْ: قَوْماً؛ لأنه مِن قولك: قَامَ يَقُومُ قِيَاماً وقِيَماً. وقرأ الباقونَ بالتشديد. وتصديقُ التشديدِ:
{ ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ } [التوبة: 36] { وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ } [البينة: 5]. والقيِّمُ: الْمُسْتَقِيْمُ. واختلفَ النُّحَاةُ في نصبهِ؛ فقال الأخفشُ: (هَدَانِي دِيْناً قَيِّماً). وَقِيْلَ: عرَّفَني ديناً. وَقِيْلَ: أعْنِي ديناً. وَقِيْلَ: انتصَبَ على الإغراءِ؛ أي الْتَزِمُوا ديناً واتَّبعوا ديناً.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً }؛ أي دينَ إبراهيم؛ وهو بدلٌ من قوله (دِيْناً). وقولهُ (حَنِيْفاً) أي مَائلاً عن الشِّركِ وجميع الأديانِ الباطلة مَيْلاً لا رجوعَ فيه، وهو نَصْبٌ على الحال؛ كأنه قال: عَرَّفَنِي دينَ إبراهيم في حالِ حَنِيْفِيَّتِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }، أي ما كانَ إبراهيمُ عليه السلام على دينِ المشركين. وإنَّما أضافَ هذا الدينَ إلى إبراهيم؛ لأن إبراهيمَ كان مُعَظََّماً في عُيُونِ العرب، وفي قلوب سائرِ أهل الأديَان؛ إذ أهلُ كلِّ دينٍ يزعمون أنَّهم يُبَجِّلُونَ دينَ إبراهيم عليه السلام.