قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ }؛ أي قُلْ يا مُحَمَّد: أغَيْرَ اللهِ أطْلُبُ إلَهاً لِي ولكم { وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ } أي هو مَالِِكِي ومالِكُكم ومالكُ كلِّ شيء؛ فكيف أطلبُ النفعَ من مَرْبُوبٍ مثلي ومثلكُم، وأدَعُ سؤالَ ربي يَملكني ويَمْلككم؛ فهل يجوزُ هذا؟ وهل يحسنُ هذا؟ لا بُدَّ أن يكون جوابهُ: لاَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا }؛ أي لا تعملُ كلُّ نفسٍ طاعةً ولا معصيةً إلاَّ عَلَيْهَا. قال أهلُ الإِشارةِ: ولا تكسبُ كلُّ نفسٍ من خيرٍ أو شَرٍّ إلاَّ عليها، أما الشَّرُّ فهو مأخوذٌ به، وأمَّا الخيرُ فهو مطلوبٌ منه صِحَّةٌ قصدهِ. وخُلُوِّهِ من الرِّياءِ والعُجْب والافتخار به.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ }؛ أي ما تحملُ حاملةٌ ثُقْلَ أخرى، والمعنى: لا يحملُ أحداً ذنبَ غيرهِ، بل كلُّ نفسٍ مأخوذةٌ بجُرْمِهَا وعقوبةِ إثْمِهَا. والوِزْرُ في اللغة: هُوَ الثِّقْلُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ }، أي مصيرُكم ومُنْقَلَبُكُمْ، { فَيُنَبِّئُكُمْ }؛ أي فيجزِيكم؛ { بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }؛ في دار الدُّنيا.