التفاسير

< >
عرض

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ
٢
كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ
٣
-الصف

التفسير الكبير

{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }؛ قد تقدَّم تفسيرهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } قال مقاتلُ: (وَذلِكَ أنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالُواْ قَبْلَ أنْ يُؤْمَرُواْ بالْقِتَالِ: لَوْ نَعْلَمُ أحَبَّ الأَعْمَالِ إلَى اللهِ تََعَالَى لَعَمِلْنَا وَبَذلْنَا فِيْهِ أمْوَالَنَا وَأنْفُسَنَا، فَدَلَّهُمُ اللهُ عَلَى أحَب الأَعْمَالَ إلَيْهِ) فقَالَ: { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ } فَابْتُلُوا يَوْمَ أُحُدٍ بمَا أصَابَهُمْ، فَتَوَلَّوا عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى شُجَّ وَجْهُهُ وَكُسِرَتْ رُبَاعِيَّتهُ، فَذمَّهُمُ اللهُ عَلَى ذلِكَ فَقَالَ: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ }؛ أي عَظُمَ ذلك في الْمَقْتِ والبُغضِ عندَ الله؛ أي أنَّ الله يبغضهُ بُغضاً شَديداً أن تَعِدُونِي من أنفُسِكم شيئاً ثم لم تُوَفُّوا به.
وموضع { أَن تَقُولُواْ } رُفِعَ، وانتصبَ قوله { مَقْتاً } على التمييزِ.
وذكرَ الكلبيُّ: (أنُّ الْمُسْلِمِينَ كَانُواْ يَقُولُونَ قَبْلَ فَرْضِ الْجِهَادِ: لَوْ عَلِمْنَا أيَّ الأَعْمَالِ أحَبُّ إلَى اللهِ لَفَعَلْنَاهُ، فَدَلَّهُمُ اللهُ عَلَى ذلِكَ بقَوْلِهِ تَعَالَى:
{ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } [الصف: 10]، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا هِيَ، فَمَكَثُوا عَلَى ذلِكَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ قَالُواْ: يَا لَيْتَنَا نَعْلَمُ مَا هِيَ فَنُسَارعُ إلَيْهَا، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى { تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } [الصف: 11] إلَى آخِرِ الآيَاتِ).
وقال قتادةُ: (كَانَ الرَّجُلُ إذا خَرَجَ إلَى الْجِهَادِ ثُمَّ رَجَعَ قالَ: قُلْتُ وَفَعَلْتُ، وَلَمْ يَكُنْ فَعَلَ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ }).