التفاسير

< >
عرض

قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٦
وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ
٧
قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٨
-الجمعة

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}؛ هذا جوابٌ لليهودِ في قولهم { نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [المائدة: 18] وَقَالَ اللهُ تَعَالَى لنَبيِّهِ: قل لَهم: إنِ ادَّعيتُم أنَّكم أحبَّاءُ اللهِ وأهلُ ولايتهِ وأنَّ الجنةَ في الآخرةِ لكم من دونِ الناسِ، فاسأَلُوا اللهَ الموتَ إنْ كُنتم صَادِقين في مقَالَتِكم، قولوا: اللَّهُمَّ أمِتْنَا كي تصلوا إلى نعيمِ الآخرة وتستَرِيحوا من تعقب الدُّنيا، وسُيمِيتُكم اللهُ إنْ قُلتم ذلكَ.
كما رُوي في الحديثِ:
"أنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قَالَ لَهُمُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: قُولُوا: اللَّهُمَّ أمِتْنَا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لَيْسَ أحَدٌ مِنْكُمْ يَقُولُ ذلِكَ إلاَّ غَصَّ بريقِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ فَكَرِهُوا ذلِكَ وَأبَوا أنْ يَقُولُوا" ، وَعَرَفُوا أنَّهُ سَيَكُونُ ذلِكَ إنْ قَالُوا. فأنزلَ اللهُ تعالى: {وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ}؛ أي لا يتَمنَّون ذلك بما قدَّمُوا من التكذيب بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، والتحريفِ لصِفَتِه في التَّوراةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ}؛ إخبارٌ عن معلومِ الله فيهم، حذرَهم اللهُ بقولهِ: {قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ}؛ أي قل يا مُحَمَّدُ لليهودِ: إنَّ الموتَ الذي تفِرُّون منه لأَنْ تَلْقَوْهُ فإنه نازلٌ بكم لا محالةَ عند انقضاءِ آجالكم، {ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}؛ من خيرٍ أو شرٍّ.