التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَٰبِيَهْ
٢٥
وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ
٢٦
-الحاقة

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ بِشِمَالِهِ }؛ قال ابنُ السائب: (تُلْوَى يَدُهُ الْيُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِهِ، ثُمَّ يُعْطَى كِتَابَهُ). وَقِيْلَ: يُنْزع من صدرهِ إلى خلفِ ظهرهِ، { فَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَٰبِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ }؛ قال الكلبيُّ رَحِمَهُ اللهُ: (نَزَلَتِ الآيَةُ الأُوْلَى قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ } [الحاقة: 19] فِي أبي سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِ الأَسَدِ زَوْجِ أمِّ سَلَمَةَ، وَكَانَ مُسْلِماً يُعْطِيهِ الْمَلَكُ كِتَابَهُ بيَمِينِهِ صَحِيفَةً مَنْشُورَةً يَقْرَأ سَيِّئَاتِهِ فِي بَاطِنِهِ، وَيَقْرَأ النَّاسُ حَسَنَاتِهِ فِي ظَاهِرِهِ، فَإذَا بَلَغَ آخِرَ الْكِتَاب وَجَدَ أنْ قَدْ غُفِرَ لَهُ، فَيَقُولُ: { هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ } [الحاقة: 19] ثُمَّ صَارَتْ عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ).
قال الكلبيُّ: وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ الثَّانِيَةُ فِي أخِي أبي سَلَمَةَ، وَهُوَ الأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ وَكَانَ كَافِراً يُعْطِيهِ الْمَلَكُ الَّذي يَكْتُبُ أعْمَالَهُ كِتَاباً مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، فَيَجِدُ حَسَنَاتِهِ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ، وَسَيِّئَاتِهِ غَيْرَ مَغْفُورَةٍ، فَيَسْوَدُّ وَجْهُهُ وَيَقُولُ: { يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَٰبِيَهْ } وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ كَافِرٍ، يَتَمَنَّى الْكَافِرُ يَوْمَئِذٍ أنَّهُ لَمْ يُعْطَ كِتَابَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا حِسَابُهُ تَحَسُّراً عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ مِنَ الْكُفْرِ وَالْقَبَائِحِ.
والهاءُ في (كِتَابيَهْ) و(حِسَابيَهْ) هاءُ الوقفِ والاستراحة، ولهذا يوقَفُ عليها كما في قولهِ تعالى:
{ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ } [القارعة: 10].