التفاسير

< >
عرض

فَٱنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ
١٣٦
-الأعراف

التفسير الكبير

وقَوْلُهُ تَعَالَى: { فَٱنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا }؛ وذلكَ أن الله تعالَى أمَرَ موسى أن يَخْرُجَ ببني إسرائيلَ، فاستعارَ نسوةُ بني إسرائيلَ من نساءِ آل فرعون حُلِيَّهُمْ، وقُلْنَ: إن لنا خروجاً إلى عيدٍ. فخرجَ موسَى ببني إسرائيل في أوَّلِ الليل، وهم ستمائة ألفٍ من رجلٍ وامرأة وصبيٍّ، فبلغَ الخبرُ فرعونَ، فرَكِبَ ومعه ألفَا ألفٍ ومائتا ألفٍ، فأدرَكَهم فرعونُ حين طلعتِ الشمسُ، وانتهى موسى إلى البحرِ، فضربَ البحرَ؛ فانفلقَ اثنا عشر طريقاً، وكانت بنو إسرائيلَ اثنا عشر سِبْطاً، فعَبَرَ كلُّ سِبْطٍ طريقاً.
فأقبلَ فرعونُ ومَن معهُ، فدخلوا بعدَهم من حيثُ دخلوا، فلما صارُوا جميعاً في البحرِ، أمرَ الله البحرَ فالتطمَ عليهم فغَرِقُوا، فقالَ بنو إسرائيلَ لِموسى أنْ يُرِيَهُمْ فرعونَ، فدعا رَبَّهُ فلفظَهُم البحرُ ولَفَظَ فرعونَ، فنظروا إليه وإلَى مَنْ معهُ، فلا يقبلُ الماءُ غريقاً بعد ذلك أبداً، ورجعَ موسى ببنِي إسرائيلَ، فسكنُوا الأرضَ أرضَ مصر.
ومعنى قوله: { فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ } أي في البحرِ بلسان العبرانيَّة. وقَوْلُهُ تَعَالَى: { بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } أي بتكذيبهم الآياتِ التِّسْعِ التي أتاهم بها موسى: اليدُ؛ والعصا؛ والسُّنونُ؛ ونقصُ الثمرات؛ والطوفان؛ والجرادُ؛ والقمل؛ والضفادع؛ والدمُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ }؛ أي عاقبناهم بتعرُّضِهم لأسباب الغفلة.